بمجرد ما تحدث جريمة في طنجة، ترافقها أحداث غريبة وآراء أكثر غرابة. كأننا فعلا أمام ساحة مجانين حقيقية.
فما هو مؤكد أن الجريمة قد تزايدت في طنجة، وهذا طبيعي نظرا لعدة ظروف ومتغيرات، على رأسها الكثافة السكانية التي تضاعفت، وبالتالي اختلاط الحابل بالنابل.
لكنني أظن أن ما هو أخطر من الجريمة أحيانا، هي ردود الفعل، وما يتبع حدوثها.
وعلى رأس هذه الارتدادات تلك الأخبار التي تنتشر على يوتوب كالنار في الهشيم، وكلها أخبار كاذبة طبعا، بهدف تحقيق بضع سنتيمات من الربح !
لا أفهم كيف يمكن لبشر سويّ وطبيعي أن يتاجر بوفاة شخص آخر من أجل بضع كليكات لا تسمن ولا تغني من جوع.
هل وصل فعلا الانحطاط إلى هذه الدرجة؟ هل حولت لعنة “يوتوب” عددا من المواطنين إلى “زومبي” قادرين على التهام ونهش الآخرين حتى بعد موتهم؟
إنهم يتاجرون في القتيل وفي أهله وعائلته دون أن تتحرك شعرة واحدة من ضمائرهم ما دام الأمر قد يحقق بعض الأرباح. ويبدو أحيانا من عدد المشاهدات أن بعض هذه الفيديوهات لا يحقق حتى بضع دريهمات كأرباح، ومع ذلك فإن الطمع لوث النفوس إلى درجة لا يمكن تصورها.
أظن أنه مثلما تتم معاقبة القتلة عند حدوث الجرائم، لا بد أن تتم معاقبة هؤلاء أيضا بتهمة القتل المعنوي.
بالمقابل، تخرج لنا وسائل التواصل بمجموعة من الأشخاص الذين يستغلون أيضا حدوث الجريمة ويحاولون تقديم ما يعتقدون أنها “نصائح”.
أشخاص لا يعلمون عن الحياة شيئا، وبدون مستوى دراسي أصلا، لكنهم يعطون الحق لأنفسهم في تقديم الدروس والاستنتاجات.
يتعرض شاب إلى القتل مثلا من طرف أصدقائه، فتخرج إحداهن وهي تتحدث بكل ثقة قائلة “شوفتو الصحاب شكا يعملو.. عمرك تعمل الصحاب !”..
فقط لأن جريمة حدثت، سيتوقف الناس عن اتخاذ الأصدقاء؟ منطق عاطفي فارغ وبليد جدا ولا شك.
الخلاصة أن الجريمة في طنجة ترافقها جرائم معنوية أخطر بكثير.. فيا ليتهم يحاربون الاثنين معا.