أصبحت حوادث الاختطاف والاختفاء كثيرة بطنجة إلى درجة ملفتة للنظر ومثيرة للخوف.
والغريب جدا أنها تزايدت رغم كل هذه التطورات التكنولوجية التي تساعد على المراقبة وعلى التواصل، على عكس العقود السابقة التي كانت فيها وسائل التواصل تكاد تنعدم.
أتذكر جيدا أننا كنا نخرج إلى المدرسة “على بركة الله”، ونعود إلى المنزل بنفس المنطق.. بدعاء الوالدين لا أقل و لا أكثر.
حتى أعمدة الإنارة كانت قليلة وإضاءتها ناعسة بالكاد تضيء الأحياء، على عكس أضواء اليوم القوية التي تحول الليل إلى نهار.
لم يكن هناك هاتف محمول لتطمئن عليك أسرتك، أو كاميرات مراقبة لترصد حالات الاختفاء لا قدر الله.
ومع ذلك، فإن حوادث الاختطاف أو الاختفاء كانت نادرة جدا في طنجة، إن لم أقل أنها كانت منعدمة.
ولكن، لو تأملنا قليلا فسنجد أن ذلك الأمان كان لديه سبب معقول جدا، وهو أن الناس كانت تراقب بعضها البعض.
المعلم يراقب تلاميذه جيدا، الجيران يراقبون أبناء بعضهم البعض، العائلات تراقب أيضا.. وهكذا.
كان من الصعب أن يأتي شخص من الخارج كي يقتحم هذا الحصن الاجتماعي البشري ويخطف طفلا أو طفلة، أو مراهقا أو مراهقة.
حتى هذا الاستدراج التدريجي لبعض القاصرات بأسماء رنانة وبحجة “العلاقات” لم يكن ممكنا لأن الشارع نفسه كان يراقب، وكان صارما جدا بهذا الخصوص.
أما الآن فقد كبرت طنجة، ولم تعد العائلات أو حتى الجيران تعرف بعضها البعض. وأغلق الجميع أبوابهم عليهم.
وهذا يفسح المجال للغرباء والمتربصين بالتجول بكل حرية، دون أن يعرف أحدهم أنهم كذلك.
صدق أحدهم عندما قال: طنجة لم تكبر.. طنجة تورّمت !