الضيف الثقيل الذي يكرهه الطنجاويون !

عبد الواحد استيتو

الله لا يأتي إلا بخير. لكن الإنسان جُــــــبل على حب أشياء والنفور من أخرى. والطنجاويون لا يحبّون ريح “الشرقي” ويعتبرونها السلبية الوحيدة في مناخ المدينة وطبيعتها التي لا تضاهى.

فسواء خرجوا من بيوتهم أم لا، فإن أبناء المدينة يشعرون بقدوم الشرقي من خلال أمزجتهم فقط.

يكفي أن تستيقظ صباحا وتشعر أنك “مْخسّر” وأن جسدك منهك تماما وكأنك كنت في حربٍ عالمية ثالثة، لتدرك أن هذا الزائر الثقيل قد أقبل على المدينة.

أما عندما تخرج وتواجهك تلك الريح الساخنة بغبارها وبالحرارة المفرطة التي تجلبها معها، فإن المزاج يصبح أكثر اكفهراراً، ويصبح فتيل الأعصاب مشدودا جدا، ويمكن أن تلاحظ ببساطة أن التوتر العام في الشارع يتضاعف.

لا أحد يحبّ الشرقي حتى الأطفال. فهم يعلمون أن قدومه يعني الحرمان من الاستجمام في الشواطئ. فالبحر يصبح خطيرا، والرمال المتطايرة تفسد المتعة تماما.

الشرقي كان يعني – في الطفولة – أن تهوي بسببه شلالات الدموع من عيوننا لأنه يحرمنا من الذهاب إلى “البلايا”..

إعلان

الشرقي يعني الراية السوداء، و”البنديرا الكحلة” تعني لا للسباحة، على الأقل بالنسبة للوالدين !

طبعا، هناك دائما حالات استثنائية لا يدري المرء كيف يفكرون، فهؤلاء لا يعبأون لا بالشرقي ولا بإعصار “كاترينا”.

هؤلاء يحملون “الباراسول” ويقصدون الشاطئ وكأنهم ليسوا في هذا العالم، قبل أن يكتشفوا متأخّرين أنهم قد قضوا اليوم كله وهم يطاردون الباراسول ويغطون وجوههم من ضربات حصى الرّمال. ناهيك عن خطورة البحر نفسه وارتفاع الأمواج القياسي، الذي يحول “التبحيرة” إلى عذاب.

لكن أغلب أهل المدينة يعلمون ماذا يعني قدوم الشرقي ببساطة..

إنه يعني أن تقولوا وداعا للبريستيج والمشية “بالكَرام”، وللفساتين الواسعة.. أما فكرة وضع “جيل” في الشعر بالنسبة للشباب فهي الحماقة بعينها، لأن الرأس يتحول إلى مكبّ نفايات من الدرجة الأولى بعد أن تلتصق به كل “الكواغط” نصف المحترقة.. (نذكر هنا بأهمية الصلعة ولا حول ولا قوة إلا بالله) !

عموما، يعلم أجدادنا خصوصا أن الشرقي هام جدا ويؤدي أدوارا طبيعية لا محيد عنها، ويكفي أنه – كما كانوا يقولون “كاينقّي الدنيا” !

https://www.facebook.com/abdelouahid.stitou.9

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...