يعرف الجميع المقولة التي تتحدث عن الهدوء الذي يسبق العاصفة، لكننا في طنجة نشهد هدوءاً آخر يأتي بعد العاصفة.
أما العاصفة فهي الانتخابات، وأما الهدوء فهو هدوء البرلمانيين الذين تنقطع أخبارهم بشكل شبه كلي، وتصمت ألسنتهم عن الكلام المباح بمجرد ما تتألق أسماؤهم على الشاشة ضمن لائحة الناجحين بعد الانتخابات.
فجأة ينتهي كل الصخب الذي كان يسبق الانتخابات، وكل الوعود والابتسامات الودودة، ويلبس الناجحون طاقية الإخفاء، وما على المواطن إلا أن يسميه “صابرا” ويوكل أمره إلى الله.
نعرف أن الطبيعي لدينا أن يغيب جل الفائزين في الانتخابات، سواء كانت جماعية أو جهوية، وتنقطع الصلة بهم. لكن بشكل عام، وخصوصا في السنوات الأخيرة، أصبح التواصل على مستوى الجماعات والمقاطعات يتحسن ولو بنسبة ضئيلة.
أما في حالة البرلمانيين – باستثناء ما شذّ عن القاعدة، والشاذ لا حكم له – فإن الغياب يكون نهائيا، حيث يذرون المواطن كالمعلّقة، فلا هو يجد من يدافع عن حقوقه في قبة البرلمان، ولا هو يجد من يتواصل معه، ولو للاستئناس وتطييب الخاطر.
من المعلوم بالضرورة أن البرلماني ليس مسؤولا مباشرا عن التنمية المحلية، لكنه بالمقابل قادر على المساهمة فيها بشكل غير مباشر، من خلال الأسئلة الكتابية والشفوية الموجهة إلى القطاعات الحكومية المختلفة، للفت انتباهها إلى النقائص الموجودة بدائرته.
وكل ما سبق لا يتأتي بدون تواصل، وبدون احتكاك يومي مع المواطن، ليس في المقاهي والجلسات الخاصة، بل في مكاتب مجهزة خصيصا لذلك، وكذا في الإعلام والندوات العمومية.
ثم إن دور البرلماني، الذي يتقاضى تعويضا سميناً كما نعلم، لا ينبغي إطلاقا أن يتم حصره قانوناً في الرقابة وسن القوانين وتقييم السياسات العمومية، فهذا فهم ضيق جدا للدور المنوط به، بل لا بد أن يتجاوز القانون إلى العُرف وأن يدقق نظره في محيطه من أجل خدمته بما لديه من إمكانات وقدرات ومقام اعتباري منحه إياه المواطن نفسه، وأكده القانون بعدد من الامتيازات.
قد أبدو متحاملا قليلا على هؤلاء البرلمانيين الدراويش، الذين لم يؤذوا أحدا ودخلوا “جواهم”، تحت شعار “كم من حاجة قضيناها بتركها”، لكن المنطق والتاريخ يؤكد فعلا أن طنجة لا تذكر لأي برلماني أية خدمة، ويمكنك أن تقوم بجولة بسيطة وتسأل كل من تقابله وستجد أن الجواب هو نفسه يتكرر في كل مرة: شكون هاد البرلمانيين أصلا؟
لهذا، لم يعد من المعقول، في كل مرة، أن يلبس هؤلاء طاقية الإخفاء في الوقت الذي يحتاج إليهم المواطن، ثم ينزعونها في اللحظة التي يحتاجونه فيها… ألا ساء ما يفعلون !
https://www.facebook.com/abdelouahid.stitou.9