هل ماتت حرية التعبير في هولندا؟
ما العلاقة بين أغنية بنكس هولندية ومحاضرة عن الحرب العالمية الثانية؟ كلاهما منعا لأنهما تنتقدان حزب الحرية المعادي للإسلام الذي يتزعمه خيرت فيلدرز. “إنه قرار قصير النظر وانصرافي يذكرنا فترة الثلاثينات من القرن الماضي”.
ما العلاقة بين أغنية بنكس هولندية ومحاضرة عن الحرب العالمية الثانية؟ كلاهما منعا لأنهما تنتقدان حزب الحرية المعادي للإسلام الذي يتزعمه خيرت فيلدرز. “إنه قرار قصير النظر وانصرافي يذكرنا فترة الثلاثينات من القرن الماضي”.
هل ماتت حرية التعبير في هولندا؟ ليس كذلك إن كان الأمر بيد توماس فون دير دونك. إن لم يسمح له بالحديث في الداخل فإنه يتحدث بالخارج في الهواء الطلق .
طلب من فون در دونك المتخصص في تاريخ الثقافة تقديم محاضرة عن الحرب العالمية الثانية سميت باسم احد أبطال المقاومة الهولندية (فيلم ارونديوس). هدف المحاضرة هو تلمس آثار الحرب العالمية الثانية في واقع اليوم. اراد فون در دونك انتقاد حزب الحرية اليميني في هذا السياق، لان هذا الحزب في رأيه يمارس التفرقة ويهدد دولة القانون:
” لدينا في هذه اللحظة ولأول مرة منذ الاحتلال الألماني حزب قوي يمارس هجومه على دولة القانون”
يهودية ومسيحية
” انظر إلى مقترح حزب الحرية اليميني بمنع الحجاب للمسلمات حتى في المواصلات العامة، لا يتعلق الأمر هنا باليهودية أو المسيحية. يتم هنا وبشكل واضح منع ديانة بعينها من التعبير عن نفسها وهذا أمر يتعارض مع المساواة بين الأديان. هناك الكثير من الأمثلة التي يتم فيها النظر للمسلمين بعين الشك وبشكل ممنهج باعتبارهم الطابور الخامس للخلافة الإسلامية, وهذا يذكرنا بالطريقة التي عومل بها اليهود في الثلاثينات باعتبارهم أيضا الطابور الخامس للدولة اليهودية العالمية”.
ولكن ليس بمقدور فون در دونك قول مثل هذا الكلام في هولندا حيث تم إلغاء الندوة. بحسب الجهة المنظمة لان الندوة يشوبها الطابع السياسي بشكل قوي. بحسب فون در دونك من الاستحالة بمكان تجنب ما هو سياسي في معرض الحديث عن مسائل اجتماعية
” هل كان على أن أتصرف وكأن حزب الحرية لا وجود له، أو أن ارى فيلا في غرفة جارتي ثم أقول لها يا له فار جميل”
شارب وطلاق
ليست محاضرة فون در دونك وحدها التي منعت، هناك أيضا أغنية بنكس تم منعها في مهرجان يوم الحرية الذي يستذكر الحرب العالمية الثانية. في هذه الأغنية يتم توجيه الحديث للسياسي اليميني خيرت فيلدرز ” موسليني الأراضي المنخفضة، يجب حرق تصريحاتك أيضا.
إن كان لك شارب مناسب لجاز لي أن أقارنك بكفاحي”
التعبير عن الرأي بحرية ضروري جدا في مهرجان التحرير، يقول أحد المتحدثين، ولكن ليس القصد هنا تضخيم الأشياء المتعارضة.
بحسب فون در دونك فإن إلغاء الندوة له علاقة بإعلان حزب الحرية إرسال مجموعة من أعضائه للندوة لتشويشها وأن الجهة المنظمة رضخت لهذه التهديدات.
قضاء التلفون
إضافة لمسالة التفرقة كان فون در دونك ينوي التنبيه لخطر حزب ا لحرية على استقلالية القضاء في هولندا.
” أعلن خيرت فيلدرز زعيم حزب الحرية انه ينتوي تقديم مقترح بتعيين القضاء بشكل مؤقت وذلك حتى يتم فصلهم من العمل في حالة عدم توقيعهم عقوبات صارمة على الجناة. هذا سيؤدي بنا إلى حالة مشابهة لحالة ايطاليا برلسكوني أو روسيا فلاديمير بوتين. هذا ما نطلق عليه قضاء التلفون. في هذه الحالة لن يتمتع القضاء بالاستقلالية في أحكامه ويتلقى أوامره من أعلى”
” انه فيلدرز نفسه الذي يشبه القرآن بكتاب كفاحي لهتلر ويتحدث عن فاشية إسلامية، إذن يجب عليه ألا يكيل بمكيالين إذا تعلق الأمر بهجوم مضاد عليه”.
انتهازية
بحسب فون در دونك فإن حزب الحرية اليميني لا يتعرض لذات الرقابة لأن الحكومة الحالية تعتمد عليه للحفاظ على أغلبيتها في البرلمان
” هذ يكشف عن انتهازية السياسية في هولندا بكامل مجدها. يقول رئيس الوزراء مارك روتا ليس من المهم أن تصوت لحزبي أو حزب فيلدرز، ما يهم هو حصولنا على الأغلبية. إذا تذمر حزب الحرية نتيجة الانتقادات التي توجه إليه تسعى أحزاب الحكومة خوفا لإرضاء فيلدرز خوفا من الخلاف معه”.
يرى فون در دونك ملامح شبه بين الحاضر والماضي
” لان الأحزاب تتجنب حدوث خلاف وتهرب إذا تعقدت الأمور. نفس الشيء كان يحدث في الثلاثينات، نفس سياسة قصر النظر الجبانة”.
مارتاين فان تول – إذاعة هولندا العالمية *
* تـُنشر هذه المادة في إطار الشراكة المعقودة بين المجلة الإلكترونية طنجة نيوز والقسم العربي في إذاعة هولندا العالمية.