مرة أخرى.. اعتداءات جنسية تطال عاملات الفراولة بإسبانيا وإجبارهن على الإفطار في شهر رمضان
بالرغم من وعود “حكومة العثماني” بتحسين ظروف عمل المزارعات المغربيات في الحقول الإسبانية، فإن بعض عاملات الدفعة الحالية، اللائي يقدر عددهن الإجمالي بنحو عشرين ألف مزارعة، اشتكين من تكرار الاعتداءات الجنسية والابتزاز من جديد خلال مزاولة عملهن داخل المزارع؛ بل إن الأمر وصل إلى درجة إجبارهن على الإفطار في شهر رمضان من قبل أصحاب المزارع.
وكشف موقع “la mar de onuba” الإسباني عن معطيات صادمة بخصوص الفضيحة التي سبق أن خلقت جدلا كبيرا، حيث تقدمت ثلاث نساء مغربيات بشكاية جديدة إلى القضاء الإسباني، يتحدثن فيها عن خرق أرباب المزارع للمقتضيات القانونية المنصوص عليها ضمن الاتفاق الجماعي المشترك، حيث تمت مصادرة جواز سفرهن، ولم يتوصلن بأجورهن في الوقت المناسب، إلى جانب مضاعفة ساعات العمل بشكل غير قانوني.
تحرش جنسي وإفطار رمضان
تشتغل العاملات الزراعيات لمدة ست ساعات ونصف الساعة يوميا، مع إضافة نصف ساعة من الاستراحة خلال الأيام العادية، مقابل أربعين أورو في اليوم الواحد، أي ما يعادل نحو 3900 أورو في ثلاثة أشهر؛ لكن بعض أرباب المزارع حرموا النساء من استراحة العمل في رمضان، فضلا عن إجبار العاملات على شرب الماء بغية استكمال العمل، بسبب الإرهاق الشديد الذي يتعرضن له.
وقالت المشتكيات، وفق ما نقلته جمعية AUSAJ، وهي جمعية خاصة بالمتعاملين مع مؤسسات وزارة العدل، إنهن “يشتغلن لمدة تتجاوز 12 ساعة بصفة يومية، بل إن الإفطار يكون بعد غروب الشمس”.
ويضفن بمرارة، في التسجيل الصوتي الذي استمعت إليه هسبريس، أن “أرباب المزارع منعوا استراحة العمل بدعوى أنها مخصصة للأكل والشرب؛ لكنهن يمتنعن عن ذلك خلال رمضان، ومن ثمة لا داعي لها”.
وتؤكد العاملات الثلاث، في معرض حديثهن للصحيفة الإسبانية، أن “إحداهن أصيبت بطفح جلدي يجب علاجه على الفور بسبب غياب شروط النظافة، ثم يقطن ما يزيد عن 18 شخصا في منزل واحد، يتشاركنه مع الرجال أيضا، وكذلك يتم الاستحمام بالماء البارد، إلى جانب غياب المراكز الطبية”، مشددات على أنهن “يتعرضن للتحرش الجنسي والإكراه على ممارسة الدعارة”.
“نكث” الوعود الرسمية
الشكاية سالفة الذكر سجلت وجود انتهاكات قانونية في مزرعة ” las posadillas” بإقليم “هويلفا”، وهي من أكبر الشركات التي تعمل في قطاع جني الفواكه الحمراء، حيث نددت العاملات المغربيات بـ”نكث الوعود الرسمية التي قدمتها الحكومة المغربية، من قبل المنحة الاقتصادية الأولية، ثم توفير وسائل النقل المخصصة لشراء المواد الغذائية؛ ما أجبرنا على المشي لمدة 30 دقيقة للوصول إلى الوجهة المطلوبة، كما أننا نشتغل حتى في أيام المرض دون تلقي أي مساعدة طبية”.
هل تحدثت إلى شخص ما أو مستشار أو وسيط؟ ألم يشرح لك أحد حقوقك وكيف تطالبين بها؟، أسئلة طرحتها الجمعية على المشتكيات، قبل أن يجبهن على الشكل الآتي: “لا أحد أوضح لنا أي شيء”، على الرغم من قيام مقاطعة الأندلس بطباعة ما يزيد عن 280 ألف كتيب بست لغات مخصص لتوضيح الإجراءات القانونية في هذا المجال، تورد الصحيفة الإسبانية.
ويتابعن: “تلقينا الشتائم.. دائما ما يقال لنا: أتيت بك من الشارع، وعليك شكر الله على وجودك هنا.. أحضرتك من المغرب، وإن لم تعملي جيدا، سوف أعيدك إلى المغرب”، هي جملة الأقوال التي يوجهها أرباب المزارع والرؤساء المغاربة إلى النساء العاملات في حقول الفراولة بالمنطقة.
الشركة تنفي
في المقابل، حاولت الصحيفة الإسبانية الاتصال بالشركة المعنية، تبعا للاتهامات الموجهة إليها من قبل العاملات الزراعيات، من أجل الاستفسار عن المزاعم التي تقدمت بها النساء الثلاث في الشكاية بإحدى المزارع التابعة لها، إلا أنها رفضت الإدلاء بأي معطيات بخصوص الموضوع؛ كما رفضت ولوج الطاقم الصحافي إلى المزرعة، معربة عن “قلقها إزاء ما يُراج في وسائل الإعلام الإسبانية بخصوص الموضوع”.
وقالت الشركة، حسب ما نقلته الصحيفة عينها، إنها “فخورة بالعمل الذي تقوم به، لا سيما طريقة معاملة النساء اللائي يشتغلن في المزارع، حيث تلتزم بالمحافظة على البيئة وتتمتع بشهادة الجودة المعترف بها دوليا”، معتبرة أنها “تفاجأت بالشكوى سالفة الذكر، لكنها وعدت بفتح تحقيق واسع في القضية”.
فتح ملف الاعتداءات الجنسية
على صعيد آخر، قرر القضاء الإسباني إعادة فتح الموضوع من جديد، من أجل التحقيق مرة أخرى في الانتهاكات الجنسية المزعومة، التي طالت العاملات الموسميات في حقول جني الفواكه الحمراء بالمدينة الساحلية “هويلفا”، التابعة لمحافظة الأندلس الجنوبية، بعد حفظ قضية العاملات المغربيات في حقول الفراولة، نتيجة تعرضهن للابتزاز والاعتداءات الجنسية أثناء عملهن داخل المزارع.
وحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الإسبانية (إفي)، فإن محكمة الاستئناف بإقليم “هويلفا” أعلنت عن فتح القضية التي أثارت الكثير من الجدل، الثلاثاء، حيث تقدمت العديد من العاملات المغربيات بشكاية قانونية إلى القضاء، في وقت سابق، ضد رجل أعمال إسباني في مدينة “ألمونت” التابعة للمحافظة.
وقررت المحكمة الابتدائية بمدينة “هويلفا” حفظ الشكاية، خلال دجنبر الماضي، معلنة بذلك عن رفض الاتهامات الموجهة إلى رجل الأعمال الإسباني، نتيجة عدم وجود أي “إثباتات جنائية”، ومن ثمة غياب الأدلة التي تؤكد صحة ارتكابه للأفعال موضوع الشكاية سالفة الذكر.
في أواخر ماي من الموسم المنصرم، أطلقت السلطات تحقيقات قضائية في محافظة هويلفا الجنوبية التي تحتل بفضلها إسبانيا المرتبة الأولى في إنتاج الفراولة في أوروبا، حيث قالت النيابة العامة للمحافظة إنه تم تسجيل 12 شكوى على الأقل. كما دخلت المحكمة الوطنية بالعاصمة مدريد على خط قضية الاعتداءات الجنسية، بعدما كشفتْ عن شروعها أيضا في إجراء التحقيقات الأولية بشأن الابتزاز الجنسي المزعوم.
عن هسبريس – مصطفى شاكري