الكلاب الضالة.. واقع مركب وتحد يواجه التدبير الحضري والصحة العامة
إعداد صوفيا العوني (و.م.ع)
يشكل الكلب الضال، الذي يوجد في منزلة وسطى بين الحياة البرية وحياة الحيوان الأليف، عبئا ثقيلا تئن تحت وطأته المدن المعاصرة، الطامحة إلى أن تكون مجالا نظيفا ومنظما.
ولهذه الحيوانات شبه المتوحشة، المتخلى عنها، قدرة على تقويض هدوء الأحياء السكنية بسبب نباحها، ومخلفاتها في الشارع العام، فضلا عن العدوانية التي قد تظهرها بين الحين والآخر تجاه المارة.
وفي هذا الصدد، يندرج تحرك السلطات المحلية في مختلف ربوع المملكة ضمن الجهود الدؤوبة الرامية إلى حماية صحة المواطنين وسلامتهم، لاسيما من خلال إطلاق حملات لتجميع الكلاب الضالة وتطعيمها ضد داء الكلب.
وعلاقة بداء الكلب، أكدت منظمة الصحة العالمية أن هذا المرض يتسبب، عبر العالم، في مقتل شخص كل تسع دقائق، وأن نصف عدد الوفيات تقريبا من الأطفال.
وكشف رئيس مؤسسة حماية الحيوانات بالمغرب ومنسق شبكة جمعيات حماية الحيوان، علي عز الدين، أنه لا توجد إلى اليوم بالمغرب دراسة علمية واحدة تخص أعداد الكلاب الضالة، موضحا أن مكافحة انتشار هذه الحيوانات لا يمكن أن تتم بالقضاء عليها، وهو ما يهدد في الوقت نفسه الحيوان والنظم الإحيائية.
وأشار إلى أن “الدول التي اعتمدت مقاربة قوامها القضاء على هذا الحيوان، منيت بالفشل في تدبير أعداد الكلاب التي تعيش طليقة، في حين نجحت البلدان التي اعتمدت برامج مثل البرنامج المسمى (TNVR) الذي يتمثل في تجميع هذه الكلاب وإخصائها وتطعيمها قبل إطلاقها”.
وبالحديث عن الواقع الحالي، أبرز المتحدث نفسه أن الفاعلين الجمعويين العاملين على مجال حماية الحيوانات، يطالبون باعتماد إجراءات وفق منهجية “TNVR”، مسجلا أهمية توعية المواطنين بالبرامج التي تقوم بها السلطات للنهوض بتدبير أعداد الكلاب، وكذا الحاجة إلى تبني سلوك مناسب أمام الكلب الضال لتجنب أي هجوم.
ومن جهة أخرى، دعا منسق شبكة جمعيات حماية الحيوان بالمغرب إلى بناء المزيد من المآوي المخصصة لاستقبال الكلاب الضالة، وتحسيس الأطباء البيطريين وتمكين جمعيات حماية الحيوانات من القيام بدور كبير في هذا الخصوص.
وتوجد المكاتب البلدية للنظافة في قلب هذه المعركة، لأنها مخولة بتخصيص عاملين مؤهلين وعربات لجمع الكلاب.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور سعيد بريطل، وهو طبيب بالمكتب البلدي للنظافة بالقنيطرة ومنسق اللجنة الإقليمية لليقظة الصحية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “المكاتب البلدية للنظافة تقوم بالإمساك بالكلاب الضالة التي تتجول بالقرب من المناطق المأهولة. وهي عملية تشكل تحديا حقيقيا”.
وأضاف أن “هذه الكلاب ت س لم إلى الجمعيات العاملة في مجال حماية الحيوان، أو تودع بالمحجز البلدي المكلف برعياتها وإطعامها وإيوائها”.
وعلاقة بمسألة قتل الكلاب الضالة التي لا تتوقف عن إثارة الرأي العام، أكد السيد بريطل أن عملية القتل لا يتم العمل بها في المغرب، باستثناء الكلاب المسعورة، وذلك بالاستعانة بأخصائي تخدير وطرق صحية تقلص تألمها وتوترها.
وفي نفس السياق، توصي المراكز الأمريكية لمراقبة الأمراض والوقاية منها، بتخدير أي حيوان تظهر عليه علامات تدل على السعار، من طرف متخصص في الصحة الحيوانية.
وبخصوص مراقبة أعداد الكلاب الضالة، كشف الطبيب بالمكتب البلدي للنظافة عن وجود حوالي 23 ألف كلب تجوب شوارع القنيطرة، في حين يتم أسر ما بين 10 إلى 11 كلبا كل يوم.
وفي هذا الإطار، يضيف المتحدث نفسه، يضع مدير المكتب البلدي للنظافة برنامجا يحدد مناطق التدخل لتعزيز تدبير الكلاب الضالة، يتم تتبعه بشكل دقيق.
وبحسب أخصائي الصحة الحيوانية، تبقى قضية الكلاب الضالة إشكالية مركبة تحتاج إلى تدخل قطاعي.
وخلص إلى أنه “يجب إطلاق حملة وطنية في هذا لصدد تنخرط فيها الجمعيات والبياطرة والمواطنون والسلطات المحلية، ليساهم كل من جهته في حل هذه الإشكالية وتقليص نسبة التخلي عن الكلاب في الشوارع بشكل كبير”.