نعرف كطنجاويين أن هذه الشائعة منتشرة ولا حيلة لنا فيها. نعم، لقد ألصقت بنا هذه الصفة وانتشرت كانتشار النار في الهشيم.
وهنا يأتي دورنا ككتاب لنهدم “الأسطورة” ولنوضح بعض الحقائق.
وأول حقيقة وجب توضيحها أن هناك فرقا بين الكسل والاستيقاظ متأخرا، فالكثيرون يخلطون بينهما.
الكسل هو ألا تقوم بالعمل المطلوب منك، وهذا لا أظن أن هناك عاقلا يفعله، وإلا فمن هؤلاء الذين ينقلون أولادهم للمدارس، ومن هؤلاء الذين يعملون في مختلف الإدارات؟
لا يمكن طبعا أن يفرط شخص في عمله لمجرد الكسل أو حتى الرغبة في النوم.. الواجب واجب والكلام منته.
لكن، هل نستيقظ بصعوبة؟ نعم.
هل نتأخر في النوم أثناء العطل؟ نعم.
هل الأشخاص غير الملتزمين بساعة محددة يستيقظون متأخرين في طنجة؟ نعم.
هذه حقيقة، وسببها هو مناخ طنجة وطقسها الخاص، وليلها أيضا.
فليل طنجة هو ليل خاصّ جدا، أشاد به الفنانون والكتاب من مختلف الدول، وهو يغري كثيرا بالسهر، إما للتفكير، أو الكتابة، أوحتى السمر رفقة الأسرة والأحباب.. أو لأشياء أخرى لا نعلمها.. ولكلّ وجهة هو مولّيها.
وعندما نسهر فمن الطبيعي جدا أن نجد صعوبة في الاستيقاظ باكرا.
أما صباحاً، فصباح طنجة وديع وهادئ، ويغري جدّا بالمكوث في الفراش، حتى أنك تشعر أن الليل لا زال مستمرا، خصوصا في الأحياء الهادئة والتي لا تزورها الشمس مباشرة.
في أحد الأيام أخبرني شخص قدم للتو للاشتغال بمحل بقالة من سوس قائلا “هاد طنجة عندكوم ف شكل.. كانّوض تقول بايت كاناكول العصا” !!
طبعا، صديقنا لا يعلم أنه غالبا جاء في أيام رياح “الشرقي” حيث تشعر الأجساد بالإنهاك دون سبب.
الغريب جدا في كل هذه المعادلة أننا عندما نسافر خارج طنجة، أو حتى خارج المغرب، نجد أن عيوننا قد انفتحت لوحدها في السادسة صباحا… وإذا عندك باش ترجع تنعس !
يعني أن الأمر لا يتعلق بأبناء المدينة.. بل بالمدينة نفسها: بجوّها، بليلها، بدلالها.
المسألة لها علاقة بطبائع الشعوب والمناطق والاختلافات التي خلقها بيننا لنتعارف، ولا علاقة لها بالكسل.
وحتى في الأثر نجد أن رجلا قال للرسول صلى الله عليه وسلم “إنا أهلَ بيتٍ قد عرفَ لنا ذاكَ لا نكادُ نستيقظُ حتى تطلعَ الشمسُ”، فأجابه سيد الخلق “فإذا استيقظتَ فصلِّ”، ولم ينكر عليه طبيعة أهل بيته والمتمثلة في الاستيقاظ حتى تطلع الشمس..
والله أعلم !