السحور مع السياسيين.. كايفطّر !!

عبد الواحد استيتو

أيقظوني ولا تنسوني..

ظل هذا النداء يتردد طيلة أعوام طفولتنا في مدينة طنجة، في محاولة منا لتذكير الأسرة بعدم حرماننا من وجبة السحور وأجوائها الساحرة.

لا أحد يعرف بالضبط ما الذي يجعل تلك الوجبة بالضبط تتمتع بألق وجاذبية غريبة حتى للأطفال الذين لم يكتب الله عليهم الصيام بعد.

طبعا، كانت قمة المأساة عندما نستيقظ ونجد أن الشمس في كبد السماء وأنه تم حرماننا من متعة تلك اللحظة.

أجوبة آبائنا كانت تختلف بين “عيطنالك ومانوضتيشي” أو “عزّيتي علينا وما بغيناشي نفيّقوك”.. عموما، في أغلب الأحوال، كان الإشفاق والرحمة هما السبب الرئيس لتركنا ننعم بدفء الأغطية.

طبعا، مرّ رمضان بعدة فصول، وعندما كان يأتي صيفاً كنا نحظى بفرصة “القصارة” إلى غاية آذان الفجر وبالتالي حضور الأجواء من الألف إلى الياء: التجهيز، والأكل ثم الذهاب للمسجد، وما يليه من مسامرات في الأحياء الشعبية خصوصا.

أما عندما كان يأتي في فصول الدراسة الباردة فحظوظ استيقاظنا كانت تتضاءل إلى الصفر، فالمدرسة تنتظرنا.. والسحور يلتهم من وقت النوم الكثير.. وبالتالي فلن يوقظنا أحد.. إنس يا صديقي.

ونحن نتذكر كل هذا، نتمنى طبعا أن نقرأ عنه في كتابٍ نوستالجي مثلا، كي يبقى ذكرى للأجيال الحالية والتي تلينا.. وهناك محاولات قليلة جدا في هذا الباب، نضرب لها مثلا بكتاب “أحاديث من باب مرشان” للدكتور الطنجاوي حمزة المساري المقيم بدولة التشيك.

لكن من سيمكّننا من هذا الكتاب؟ أو أي كتاب غيره؟ من يهتم أصلا بالكتب؟

أغلب الهيئات المنتخبة في طنجة تعود في كل رمضان بنفس الرؤية، نفس النمطية، نفس الجمود: الدوريات الرياضية، والأمسيات الغنائية… والله كريم !

ورغم أن رمضان شهر القراءة كما هو متعارف عليه، إلا أنه بالنسبة للسياسيين شهر “الإشعاع”. والكتاب لا يحقق أي إشعاع.. إذن ليذهب إلى الجحيم !

علما أن مسألة الإشعاع هذه تليق بالجمعيات أكثر وليس بالهيئات المنتخبة التي يفترض أن تقدم للمواطن ما يضيف له شيئا فعلا، وليس مجرد تسلية عابرة تستمر شهرا كاملا.

لا أدري بالضبط كي يمكن أن تتطور الأمور والجمود هو الطاغي على عقلية المنتخبين الذين لا يتنازلون حتى ليستشيروا أهل الذكر رغم أنهم لا يعلمون.. ويكتفون بتنفيذ ما تقول لهم خلايا مخهم الرمادية.

لقد كنا نسمع في طفولتنا أن السحور مع العيال كا يفطر.. لكن، اسمحوا لي أن أضيف إليها أيضا: ومع السياسيين أيضا !
الله يهديهم علينا !!!

https://www.facebook.com/abdelouahid.stitou.9

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...