متدخلون في ندوة وطنية بطنجة يؤكدون على أهمية التربية الجماعية في ردع التشهير

عقد المركز الإعلامي المتوسطي، مساء أمس الجمعة، ندوة وطنية في مدينة طنجة، بمشاركة ثلة من الصحفيين والقضاة والأساتذة الجامعيين، لمناقشة موضوع “التشهير في الصحافة… قتل معنوي ينتظر ردع القانون”، حيث اتفقت مداخلات المشاركين على أن المقاربة الجنائية وحدها قاصرة على الحد من هذا المرض المزمن المدمر للأفراد وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية، مجمعين على أن ضرورة تغيير القيم الجماعية كمدخل أساسي.

في هذا الصدد انتقد رشيد البلغيتي، وجود منتسبين للجسم الصحفي معروفين بتورطهم في جرائم التشهير، ينتمون إلى هياكل النقابة الوطنية للصحافة المغربية، كما انتقد بشدة تواطئ وتساهل فدرالية الناشرين مع ظاهرة التشهير، معتبرا أن عليها ألف ملاحظة فيما يتعلق بأدوارها في التخليق.

وأبدى البلغيتي مخاوف من أن يعجز المجلس الوطني للصحافة بدوره عن اتخاذ تدابير وإجراءات ملموسة للحد من التشهير، وذلك في الوقت الذي توجد مواقع إخبارية تمتهن “التشهير” عن سبق إصرار وترصد.

من جهته، قال عبد السلام بنحدو، العميد السابق لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، أنه لا قوة يمكن أن تضبط الصحافي ما عدا ضميره، لأن القولة الشهيرة تقول “من وضع القانون وضع الحيلة”.

وذكر في هذا السياق بأن الانتباه الجريمة الإلكترونية تم الانتباه لها بعد الأحداث الإرهابية، التي وقعت بفندق أطلس إسني، “حيث انتبه المشرع المغربي أن الإدارة المغربية معرضة للخطر، وهناك بيع وشراء على مستوى الإدارات، وبالتالي كان الهدف من صدور قانون محاربة الجريمة الإلكترونية هو حماية الإدارة في البداية”.

وعرّج بنحدو أخيرا على موضوع انتهاك الحريات الشخصية معتبرا أنها ظاهرة خطيرة، وأنه أخطبوط دائم متشعب في المجتمع، وزاد “هذه الجريمة لها عقوبة واحدة هي 3 سنوات، وتشدد لتصل إلى 5 سنوات عندما يقوم بها الأقارب أو الأصول”.

أما عصام بنعلال، الرئيس الجهوي لنادي قضاة المغرب، سرد مجموعة من الأرقام الصادرة عن تقرير تنفيذ السياسة الجنائية لسنة 2018، حيث تم وفق بنعلال، في قضايا التشهير”تسجيل 152 قضية، توبع خلالها 152 شخصا، وفي قضايا الصحافة والنشر تم تسجيل 408 قضية، ومتابعة 428 شخص”.

وعلق المتحدث بأن هذه الأرقام تطرح مجموعة تساؤلات، مؤكدا أن النيابة العامة تمارس دورها، رغم أن عملية التشهير “قد تنفلت من سياق قانوني مضبوط، ولا يجب أن نحصر الحديث على مدونة الصحافة والنشر، بينما السياسة الجنائية تعمل على تحقيق معادلة ذات شقين: حماية حرية التعبير، وحماية النظام العام”.

من جانبه، أكد الصحافي رضوان الرمضاني أن موضوع التشهير متشعب ومعقد، ويصعب الفصل فيه قانونيا فقط، وقد ساهم فيه عنصران يتمثلان في السياق الذي يعيشه الإعلام بشكل عام بكل روافده، وكذلك الوافد الجديد وسائل التواصل الحديثة، حيث انتقلنا من مستوى خرق أخلاقيات المهنة إلى مستوى حرية التشهير”.

ويتعلق العنصر الثاني بسياق سياسي معين، يضيف المتحدث، إذ “منذ سنة 2011 انطلقت أولى عمليات التشهير بين زعماء السياسيون تحت قبة البرلمان، وبالتالي فمؤسسات الدولة صار فيها “تشهير رسمي”، حيث انتقلنا إلى خلق مجموعة أفكار ستصبح لاحقا كقناعات وحقيقة مطلقة، فعندما يتهم زعيم بأنه فاسد، فسيأخذها المتلقي بأنها حقيقة لا توجب المساءلة ولا المحاسبة، وبالتالي تصبح هذه السلوكات مباحة في الذهنية الجماعية”.

هذا وعرفت الندوة، إيراد شهادات مصورة مع زملاء صحفيين من المغرب وخارجه، بينهم الصحفي المحجوب فرياط، رئيس تحرير الموقع الإلكتروني للقناة الثانية، وخولة اجعيفري، صحفية بجريدة أخبار اليوم، ومحمد أحداد، عضو هيأة تحرير جريدة المساء، والإعلامي أيمن الزبير، مراسل قناة الجزيرة في مدريد، قدموا آراءهم في موضوع “التشهير في الصحافة”، ومخاطره على الحياة الخاصة للناس.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...