الموظفون الأشباح

هناك موظفون أشباح لم تسمعوا بهم يوما، يعملون بإصرار وانتظام ولا يشعر بهم أحد، رغم أنهم لا يتخلفون عن مواعيدهم ويضحون بالغالي والنفيس من أجل تأدية واجبهم العظيم. بل المصيبة أنهم لا يقبضون أجرا على ما يقومون به.
هناك موظفون أشباح لم تسمعوا بهم يوما، يعملون بإصرار وانتظام ولا يشعر بهم أحد، رغم أنهم لا يتخلفون عن مواعيدهم ويضحون بالغالي والنفيس من أجل تأدية واجبهم العظيم. بل المصيبة أنهم لا يقبضون أجرا على ما يقومون به.

يذهبون لعملهم أربع مرات في اليوم دون كلل أو ملل، وهدفهم واضح محدد لا يتزحزح:

فتيات المدارس.

منهم من يركب دراجة نارية (سكوتر)، ومنهم من يمشي على قدميه، ومنهم من يسرق سيارة أبيه كي يتبجح بها. المهم في الأخير أن يكون الصيد سمينا وأن تعلق “سمكة” ما بالصنارة.

تجدهم فرادى وجماعات في أبواب الإعداديات والثانويات في أوقات الخروج والدخول بدءا من الثامنة حتى المساء.

لا يشكل الاستيقاظ باكرا مشكلة بالنسبة إليهم رغم أنهم في الواقع عاطلون، لكن وضوح الهدف يساعدهم على التغلب على النوم الذي يثقل أجفانهم حتى لو اقتضى الأمر الظهور بجفون متورمة من أثر النوم.

أما الهدف فهو معاكسة بنات المدارس وتحويل حياتهن إلى جحيم. وهي وظيفة محترمة جدا كما ترون!!!

لكن يا ترى، ما هي مواصفات الراغبين في الالتحاق بهذه بالوظيفة؟

– أن تحلق جانبي رأسك تماما، وتملأ ما تبقى من شعر فوق قبة رأسك بالجـــيل حتى يتخذ شكل ديك رومي… الفروج وصافي.

– أن تكون وقحا وفظا ولا تقيم أي وزن للأخلاق.

– أن تسب الدين والملة كل دقيقة.

– أن تبصق كل 5 ثواني على الأرض دلالة على الإبداع في الجرأة.

– أن تحمل في جيب سروالك الخلفي سلاحا أبيضا، ولك أن تختار واحدا من العائلة الكريمة، إما بونقشة أو المضا أو الشواشة أو حتى السيف الوهاج. وذلك حسب سلمك الوظيفي.

إذا استوفيت هذه الشروط تكون قد اجتزت المرحلة الأولى من الانتقاء، ولاتبقى سوى المرحلة الثانية والأخيرة، وتتمثل في قدرتك على المضايقة وافتعال المشاجرات بشكل يومي، وكذا المواظبة..المواظبة ضرورية في وظيفتهم تلك لأننهم لا يعبثون.

أراك تسأل عن مكان الوظيفة؟ مبدئيا، المكان هو كل باب مدرسة أو إعدادية.. لكنهم يقبلون، تجاوزا فقط، الدروب والممرات المؤدية للمدارس، فهي في الحقيقة منبع هام لممارسة الوظيفة، وينطبق عليها ما ينطبق على أبواب المدارس.

المهم، كما قلنا، هو امتلاك أكبر قدرة على الإزعاج والمضايقة تحت شعار: مادمنا لم ندرس نحن، فلن يدرس أحد.

أعرف أن أغلبكم يعلم بوجود هؤلاء “الموظفين”، ويعلم أن عددا من أبواب المدارس تحول أكثر من مرة إلى ساحة معركة دامية أدت إلى القتل غير ما مرة، بسبب المنافسة على هذه الفتاة أو تلك، في محاولة فاشلة تماما لإظهار الرجولة.

الغريب في كل هذا هو الصمت المطبق الذي يلف الموضوع، سوى بضع محاولات باهتة هنا وهناك.. علما أن محاربة ظاهرة كهذه تتطلب عملا جماعيا لكل الأطراف: الأمن، الأطر التعليمية، الجماعات، الأسر…إلخ.

لا بد من الصرامة في هذا الأمر وإلا سنسمع المزيد والمزيد من الحكايات الصادمة التي مكانها واحد دائما: أبواب المدارس.. أبواب أماكن يفترض أنها مخصصة لتلقي العلم.

عبد الواحد استيتو
stitou1977@yahoo.com

http://stitooo.blogspot.com

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...