طنجة.. من عروس للشمال إلى عاصمة للمشردين والمتسكعين..

يجب الاعتراف بكل شجاعة ووضوح أن طنجة التي كانت توصف بعروس الشمال، تحولت اليوم عن سبق إصرار وترصد إلى عاصمة للمتشردين والمتسكعين وأطفال الشوارع بالمغرب. إنها الحقيقة التي لن تنفع جميع مساحيق التجميل في إخفاء مراراتها الصادمة…

طنجة نيوز – محمد العمراني
يجب الاعتراف بكل شجاعة ووضوح أن طنجة التي كانت توصف بعروس الشمال، تحولت اليوم عن سبق إصرار وترصد إلى عاصمة للمتشردين والمتسكعين وأطفال الشوارع بالمغرب. إنها الحقيقة التي لن تنفع جميع مساحيق التجميل في إخفاء مراراتها الصادمة…

طنجة تعرضت في السنين الأخيرة لأبشع عملية غزو شبه منظم لهاته الجحافل، التي استوطنت شوارع المدينة وأزقتها، وكأن الأمر بفعل فاعل يصر على تشويه ما تبقى من جمال هاته العروس، التي يبدو أنها استبيحت من طرف الجميع، و فقدت عذريتها بعد أن تكالب معظم المسؤولين على تدبيرها، و تحولوا إلى ذئاب بشرية متعطشة لنهب خيراتها وتشويه سحرها وجمالها…

أتساءل بكل ألم عن موقف من بيدهم القرار بهاته المدينة عندما يشاهدون الشوارع الرئيسية بالمدينة : البولفار، شارع الحرية، الكورنيش، المكسيك، شارع فاس، المقاومة… ناهيك عن الأزقة المتفرعة عنها، وقد تحولت إلى ملجأ مفتوح لهؤلاء المتشردين و الأطفال الجانحين؟؟…
يكفي التجول ليلا بالمدينة للوقوف على حجم الكارثة التي حلت بالمدينة…

أطفال يتوسدون العلب الكرتونية بمداخل العمارات وبعض الإدارت، يتعاطون السيلسيون و الكول على عينك يا بن عدي..

متشردون يتعاطون الخمور، ويترصدون أي ضحية، قادته الظروف للمرور ببعض الأزقة الجانبية، لاعتراض سبيله بحثا عن مبالغ ماليه لإكمال “القصارة”…

الشوارع تحولت إلى مراحيض عمومية، والروائح النتنة تزكم الأنوف…

وعند بزوغ الشمس تجدهم يجمعون أفرشتهم الكرتونية استعدادا لبداية يوم جديد من التسكع والتجوال في المدينة بحثا عن دريهمات تسعفهم في اقتناء جرعتهم اليومية من المخدرات، وكل حسب قدرته….

هل من مسؤول بهاته المدينة يمتلك الجرأة ليضع النقط فوق الحروف، ويكشف الأسباب الحقيقية التي جعلت طنجة قبلة مفضلة لكل هاته الجيوش التي تعيث في المدينة فسادا؟؟…

بالله عليكم…

ماذا تبقى من مواصفات لعروس الشمال؟…

هل من المعقول أن نتحدث عن مشروع طنجة الكبرى، بملاييرها السبعمائة، وشوارعها الرئيسية تحولت إلى ملجأ مفتوح ومعمم على الشماكرية والأطفال القاصرين؟!!…

كيف يحلو لمن يتحمل مسؤولية تسيير المدينة، أكانوا رجال إدارة ترابية، أو منتخبين، أو مسؤولين أمنيين، أن يستطيبوا العيش في هاته المدينة؟!!…

اسألوا الوافدين على المدينة خلال فصل الصيف، أجانب ومغاربة، عن رأيهم في مدينة طنجة…

إعلان

كلهم يجمعون على نقطتين متناقضتين:
مدينة ساحرة بموقعها الجغرافي ومؤهلاتها الطبيعية الفريدة، وبتاريخها الضارب في أعماق الحضارات الإنسانية المتعاقبة على مر القرون الماضية…

في مقابل ذلك مدينة مشوهة على أكثر من مستوى… مظاهر اللاأمن بادية للجميع، واحتلال للشوارع والأزقة من طرف المتسكعين وأطفال الشوارع!!….

هل يعقل أن يغادر السائح باب فندقه المصنف، ويصطدم بالمتشردين يفترشون الأرض قبالة واجهة الفندق…

ما إن تطأ رجلاه الشارع حتى يجد نفسه محاصرا من طرفهم يستدرون عطفه على أمل الفوز ببضع دراهم…

عندما يصل فوج من السياح بميناء المدينة، وما أن يلجوا أزقة المدينة القديمة حتى يصابون بالرعب من كثرة المضايقات التي يلاقونها من الأطفال اليافعين، والمتسكعين، وروائح السلسيون و الكول تنبعث منهم وتخنق الأنفاس، في مشهد مسيئ لهاته المدينة التي عشقها عظماء العالم ومشاهيره..

رجال الشرطة استسلموا لهذا الزحف، وصاروا يتفادون “تطهير” المدينة من الأطفال و المتشردين لعدم وجود ملاجئ تستضيفهم…

بل حتى الإجراءات القانونية المتعلقة بالأطفال القاصرين تدفع رجال الأمن إلى التهرب من تحمل المسؤولية…

هل تعلمون أن رجل الأمن حينما يقبض على طفل قاصر متشرد في الشوارع يبقى على عهدته، وهو المسؤول الأول والأخير عن سلامته الجسدية، بحيث يمنع عليه وضعه داخل مخفر الشرطة مع البالغين، أكثر من ذلك عندما يتم تقديمه للنيابة العامة وعرضه على قاضي القاصرين، يتحمل ذات الشرطي مسؤوليه نقله إلى ملجأ الأطفال بالمدينة تحت عهدته الشخصية!!!…

كل هاته الإجراءات، وفي غياب وجود بنيات استقبال لهؤلاء الأطفال، تدفع رجال الشرطة إلى “ضرب عين ميكة” تفاديا لكل هاته المساطر المعقدة….

طنجة تتحول بشكل شبه يومي إلى مدينة مشوهة…

مدينة متسخة…

مدينة لا تضمن الحد الأدنى من السكينة والطمأنينة…

ورغم كل ذلك يصر المسؤولون على إقناعنا بنقيض ما نعيشه على أرض الواقع…

هل تستقيم الحياة بمدينة تستعد لاحتضان أكبر ميناء ترفيهي في الحوض الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، مدينة تتوفر على شوارع مضيئة تضاهي شوارع باريز، ومساحات خضراء في غاية الجمال والروعة، وهي ذات المدينة التي تجد شوارعها محتلة بجيوش من المتسكعين والأطفال الجانحين، إذ لا تكاد تستريح بأي مقهى أو مطعم لأكثر من خمس دقائق دون أن تتعرض للمضايقات؟؟؟!!!…

الجواب نتركه لكل الذين يصرون على نقل صورة بالألوان لمدينة تتجه يوما بعد يوم إلى الهاوية…

أما ساكنة المدينة فإنهم بالتأكيد يعرفون الجواب جيدا…

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...