نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة تطوان الحسيمة ، نهاية الأسبوع المنصرم بمدينة الحسيمة ، لقاء تواصليا حول التقرير الموضوعاتي “فعلية الحق في الصحة : تحديات، رهانات ومداخل التعزيز” ، الذي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان في فبراير من سنة 2022.
و أكدت رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان سلمى الطود في كلمة بمناسبة اللقاء ، أن الحق في الصحة حق أساسي، لصيق بالحق في الحياة وبالحق في العيش الكريم.
وأشارت الى أن إصدار تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان يندرج ضمن استراتيجية المؤسسة الوطنية القائمة على تتبع وتعزيز فعلية الحقوق والحريات، الرامية إلى تحقيق التمتع الفعلي بالحقوق الأساسية ، من خلال التطبيق الأمثل للترسانة القانونية في انسجام مع الدستور والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والتدبيرية التي تؤثر بدورها في التمتع بالحق في الصحة، وفقا للتعريف الذي وضعته منظمة الصحة العالمية.
و أوضحت رئيسة اللجنة الجهوية أن الحق في الصحة متعدد الأبعاد والروافد ،و يستدعي تفعيل سياسات عمومية في مجالات متعددة وفق رؤية منسجمة ومتكاملة لتحقيق التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية، على أساس المساواة ودون تمييز.
كما يتطلب الأمر ، وفق المصدر ، الالتزام بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في أفق 2030، والمواثيق الدولية ذات الصلة، مضيفة أن هذه العهود تربط تحقيق الحق في الصحة بحقوق أخرى مكملة ، كالسكن اللائق، والماء الصالح للشرب والتغذية السليمة والحق في التعليم.
وأوردت السيدة سلمى الطود العناصر المتضمنة في التقرير الموضوعاتي والمقترحة لمواجهة الاختلالات البنيوية التي يعرفها قطاع الصحة عامة ، والهادفة إلى إحداث تحولات نوعية في مقاربة التعاطي مع الصحة باعتبارها خدمات عمومية تساهم في ضمان الأمن الإنساني، مع ضرورة وضع استراتيجية وطنية للصحة، قائمة على المقاربة الوقائية و تستند على علم الاجتماع في تحقيق النجاعة الصحية، وعلى دعم المواطنين بالتغطية الصحية الشاملة وعقلنة الخريطة الصحية لتحقيق المساواة والعدالة المجالية، وتعزيز الحكامة الجيدة والنهوض بالبحث العلمي في هذا المجال.
وفي السياق ذاته ، قدم عبد المجيد بلغزال المستشار لدى رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مختلف محاور تقرير المؤسسة الحقوقية بدءا بسياق ومنهجية إعداده، مع تسليط الضوء على الاستنتاجات التي آل إليها التشخيص والإشكالات الصحية الكبرى ، كغياب مسار علاجات واضح للمريض/ ة، و ضعف التمويل، و الخصاص في الموارد البشرية والأطر الصحية وهجرتها ، وضعف الالتقائية والتنسيق في السياسات العمومية.
كما ذكر السيد بلغزال بجملة من المداخل لتعزيز فعلية الحق في الصحة، مؤكدا على أهمية تثمين الموارد البشرية، و النهوض بطب القرب والأسرة، و النهوض بالصحة الجنسية والإنجابية وبالصحة العقلية والنفسية، وإدماج القطاع الخاص ضمن نظام وطني للصحة كخدمة عمومية، مع إيلاء أهمية خاصة للفئات الهشة ، بمن فيها الأشخاص المسنين والأمهات والأطفال والمهاجرين واللاجئين.
من جهته، أكد المدير الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالحسيمة محمد اليزناسني، على تطور العرض الصحي بالحسيمة من حيث عدد المستوصفات، ومستشفيات القرب، ونوعية التخصصات الطبية والتجهيزات المتوفرة ، والتي ستتعزز مع الافتتاح قريبا للمستشفى الإقليمي الجديد.
ونوه السيد اليزناسني بالأوراش الحالية الرامية إلى النهوض بالقطاع والمتعلقة بتعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة، مبرزا في ذات الوقت أهمية تفعيل الشراكات مع جمعيات المجتمع المدني بالإقليم للمضي قدما في تجويد الخدمات الصحية.
من جانبه، أكد الأمين الوهابي رئيس هيئة الأطباء بالقطاع الخاص ، على دور الطب في الحفاظ على الأمن الصحي والسلم الاجتماعي، مؤكدا ضرورة تعزيز كفاءات جميع الفاعلين في الحقل الصحي، وإصلاح السياسة الدوائية، مع مراعاة الجانبين الأخلاقي والإنساني في البعد الطبي، وتفعيل الشراكات بين القطاع العام والقطاع الخاص.
وخلص اللقاء، الذي تميز بتفاعل واهتمام الحاضرين والمشاركين، إلى أهمية مواصلة الاشتغال للنهوض بالوضع الصحي بالإقليم والالتفاف حول التوصيات العملية التي قدمها التقرير الموضوعاتي، وترافع جمعيات المجتمع المدني من أجل تحسين أداء النظام الصحي المغربي إقليميا وجهويا.
وللإشارة ، فإن إعداد هذا التقرير الموضوعاتي جاء تتويجا لسلسلة من اللقاءات والمشاورات، التي نظمها المجلس ولجنه الجهوية، وطنيا وجهويا، للوقوف على واقع فعلية الولوج للحق في الصحة بالمغرب، وذلك وفق مقاربة أشركت مختلف المتدخلين المؤسساتيين وغير المؤسساتيين المعنيين بقطاع الصحة.