حرائق الغابات بجهة الشمال: تدخلات ميدانية متواصلة برا وجوا لإخماد النيران وحماية أرواح المواطنين
بقلم هشام المساوي - و.م.ع
مكنت التدخلات الميدانية المتواصلة، برا وجوا، على مدى 6 أيام، من تحقيق تقدم كبير في احتواء حرائق الغابات المندلعة بعدد من أقاليم جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، بفضل تجند مئات الآلاف من عناصر فرق مكافحة النيران المدعومين بمتطوعين من ساكنة المناطق المجاورة.
تسطر فرق الإنقاذ ملحمة في أداء الواجب، دون كلل أو ملل، واصلت العمل بالليل والنهار، وهي الجهود التي أثمرت احتواء ثلاث حرائق بصفة نهائية، بكل من تازة والعرائش ووزان، والحد من توسع نطاق الحريق الأكبر بالعرائش وحريقي تطوان وشفشاون نحو القرى المجاورة، وإخماد بؤرتين جديدتين اندلعتا بكل من وزان وعمالة المضيق-الفنيدق.
تدخلات ميدانية مدعومة بطلعات جوية
من أجل مواجهة هذه الحرائق التي اندلعت في خضم موجة جفاف استثنائية، تمت تعبئة أزيد من 2000 عنصر من المياه والغابات والوقاية المدنية والقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والقوات المساعدة والسلطات المحلية والإنعاش الوطني معززين بشاحنات الإطفاء وسيارات التدخل السريع، كما تمت الاستعانة خلال هذه العمليات ب 5 طائرات “كنادير” و8 طائرات من نوع “توربو تراش” تابعة للدرك الملكي.
وتواصل مختلف هذه الفرق التدخلات الميدانية وفق استراتيجية مضبوطة، لضمان فعالية التدخل الجوي والبري رغم ارتفاع درجات الحرارة ووعورة التضاريس وهبوب رياح “الشرقي”.
ويتمثل هذا التنسيق في الاعتماد على الطلعات الجوية لطائرات “كنادير” و توربو تراش” المتخصصة في مكافحة النيران، لكسر جبهة النيران، بينما تسارع عناصر الوقاية المدنية والمياه والغابات مدعومة بآليات ثقيلة لضخ المياه، للقضاء على ألسنة اللهب، ثم تليها عناصر القوات المساعدة والإنعاش الوطني والقوات المسلحة الملكية بآليات خفيفة لإخماد الجمر واللهب المتصاعد من أجل القضاء نهائيا على البؤر.
ومكنت هذه الاستراتيجية، حسب الوكالة الوطنية للمياه والغابات، من احتواء ثلاث حرائق بصفة نهائية، فيما تتواصل الجهود بكثافة، لتطويق باقي الحرائق في الساعات المقبلة، حيث بلغت نسبة السيطرة على حريق غابة “بني يسف آل سريف” (العرائش) 70 في المائة، وحريق غابة جبل الحبيب (تطوان) 80 في المائة، وحريق غابة تاسيفت (شفشاون) أزيد من 70 في المائة، فيما وصل مجموع المساحة المتضررة منذ مساء الأربعاء حتى حدود اليوم الأحد إلى 6.600 هكتار.
حماية المنازل والأرواح أولى الأولويات
تركز الجهود الميدانية لفرق التدخل بالأساس على تأمين سلامة الدواوير المجاورة للحرائق والحفاظ على ممتلكات الناس، حيث تم، وبشكل استباقي، إخلاء أزيد من 20 دوارا في محيط الحرائق.
بالعرائش، أكثر الأقاليم تضررا بحرائق الغابات بعد أن اجتاحت أزيد من 5300 هكتارا بغاية بني يسف آل سريف، أفادت مصادر محلية بأنه تم تأمين نقل 1331 أسرة موزعة على 20 دوارا بعيدا عن أماكن الخطر، مشيرة إلى أن النيران تسببت في خسائر مادية إذ طالت 169 مسكنا، بينما حققت عمليات التدخل تقدما مهما بتحويط أزيد من 70 في المائة من نطاق النيران.
بينما بحريق غابة جبل الحبيب بإقليم تطوان، فقد تمكنت فرق التدخل أمس الأحد من السيطرة على الواجهة الشمالية للحريق الغابوي الذي اجتاح 270 هكتارا، وهو ما مكن من تأمين سلامة ساكنة الدواوير المجاورة لمنطقة الحريق، بصفة شبه تامة، ودرء خطر النيران، علما أنه تم في وقت سابق نقل 265 شخصا من ساكنة 4 دواوير بعيدا عن بؤر النيران.
في هذا السياق، شدد فؤاد العسالي، رئيس المركز الوطني لتدبير المخاطر المناخية بالوكالة الوطنية للمياه والغابات على أن “أولى الأولويات تتمثل في حماية أراوح الساكنة وعناصر فرق التدخل والحفاظ على ممتلكات المواطنين”.
يقظة وحذر تجنب اندلاع حرائق أخرى
دفع نطاق هذه النيران إلى الاستعانة بطائرة “الدرون” تابعة للوكالة الوطنية للمياه والغابات من أجل رصد وتتبع بؤر الحرائق، وبالتالي تحديد أولويات التدخلات الجوية والبرية بعد دراسة وتحليل الصور تحت الحمراء.
إلى جانب ذلك، بكثير من الحيطة والحذر، تبقى فرق التدخل متأهبة على مدار الساعة لتفادي اندلاع بؤر جديدة في غابات جهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
بإقليم وزان على سبيل المثال، حيث تمكنت فرق مكافحة النيران أمس الأحد من تحويط الحريق الغابوي المندلع بغابة “جبل أمزيز” على مستوى جماعتي زومي ومقريصات، والذي أتى على حوالي 400 هكتار من الغابات، استطاعت فرق التدخل الحد من انتشار حريق آخر اندلع بالقرب من دوار “فتراس” بجماعة عين بيضاء، حيث التهم 6 هكتارات من الغطاء النباتي، وهو ما مكن من تحييد خطر هذه البؤرة بشكل سريع.
كما تمت السيطرة على حريق اندلع ليلة الأحد – الاثنين بغابة بليونش بعمالة المضيق الفنيدق والذي أتى على مساحة تفوق الهكتار. بفضل رد الفعل السريع والمنسجم لفرق التدخل، تم احتواء الحريق في زمن قياسي ودرء أخطاره على سكان المنطقة والغطاء الغابوي. وتم تفح تحقيق لمعرفة اسباب الحريق.
هي جبهات متعددة تخوض فيها فرق التدخل معركة بدون هوادة لاحتواء النيران رغم الظروف المناخية غير المواتية بجهة الشمال، رياح متوسطة القوة وحرارة مرتفعة زادت مهمة “أبطال الغابات” تعقيدا.