المبلـــــــــوز

كان الأعمش إذا شاهد ثقيلا مقبلا نحوه يدعو قائلا: “ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون” الآية.
كان الأعمش إذا شاهد ثقيلا مقبلا نحوه يدعو قائلا: “ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون” الآية.

والثقيل هو الشخص الكريه اللزج اللئيم التافه، وهو ما نطلق عليه بلهجتنا الطنجاوي إسم: المبلـــــوز. بينما كان أجدادنا يسمونه: الحامط.

وسواء كان ثقيلا أو باسلا أو حامضا.. فهو في كل الأحوال شخص لا يطيقه أحد وأينما حل وارتحل ينطق دررا ويأتي الأعاجيب.

تلتقي بالثقيل فتسلم عليه من باب الأدب وتقول له كلمة أو كلمتين ثم تعتزم المغادرة على بركة الله، لكن الأمر لن يكون بالسهولة التي تعتقد فالثقيل لازال يمسك كفك بقوة وحريص أشد الحرص على ألا تفلت، والمصيبة أنه يبدأ بتشنيف مسامعك بقصص رائعة على غرار: مقاودة مرة أصحبي… والدنيا مابقا فيها ما يتصلح… ولابأس بالعبارة التقلدية أيضا: مابقا مايدار.

كل هذا وأنت كنت تنوي أن تذهب لتقضي مصلحة وأنت – الساذج – تعتقد أن الدنيا لازال فيها “مايدار”، لكن الثقيل لن يتركك حتى تؤمن بالعكس.

في الأخير تستسلم لمنطقه وتطلب منه أن يسمح لك بالذهاب للانتحار من فوق أقرب سطح.. عندها تنفرج أساريره ويتركك تذهب وهو يبسمل ويحوقل أسفا على شباب اليوم الذين ينتحرون عندما لا يجدون شيئا آخر يفعلونه.

أما لو كنت تحاول أن تحادث واحدا من أفراد عائلتك عبر النت وابتلاك الله بأحد الثقلاء فأجل الأمر إلى أجل غير مسمى أفضل لك ولنا، لأن الثقيل لا يفهم “رأسه” أبدا، ويصر على أن يتناول مقعدا ويجلس بقربك ويضع رأسه بالضبط وسط الشاشة كي يقرأ ما تكتب حرفا بحرف أو ليشاهد ما تعرضه كاميرا الشخص المقابل دون أن يرقب فيك إلا ولا ذمة.

المصيبة الحقيقية أنه يحاول أن يفتعل الذكاء ويختلق موضوعات جانبية تسمح له بالجلوس لأطول وقت للمراقبة، لذا يمطرك بمجموعة من الكلمات المتقاطعة: شوفتي فلان… واللهيلا… المنضر خايب.. لا والو هايدا.

إعلان

فهمتهم شيئا؟

طبعا لا. ولا أنا.

لذا، كما سبق وأن نصحتك: أغلق الجهاز وعمل مناقص حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

المبلوز أيضا هو آخر شخص يؤتمن على الأسرار، لهذا لا تخبره بأي سر ولو كان الكلام واقفا في حلقك لأنك ستبتلى بما هو أعظم من ” مشكلة الحفاظ على السر” وهي ” مشكلة انفجار السر”.

فالثقيل عاشق لتفجير الألغام الكلامية المزروعة في أرض الصداقة، لهذا ينتظر اللحظة التي تجتمع فيها مع أعز أصدقائك ويدخل بينكما كشيطان رجيم ويقول لك بصوت عال:

– أليس هذا هو الذي ضبط أبوه في قضية اختلاس؟؟؟

طبعا، تمر لحظات طويلة من الصمت بعدها، وأنت تفكر في احتمالات عديدة.. أولها طبعا أن تحطم أسنان الثقيل وتقطع لسانه كي يتوب توبة نصوحا.. ثانيها، أن تفر من الموقف فرارك من المجذوم لأنه من المحتمل جدا أن تكون أنت المعاقب – بقتح القاف – بعد أن يتضح لصديق عمرك أنك أفشيت سره. هكذا تحني رأسك خجلا وتنسحب في صمت وأنت تترحم على صداقتك التي فقدتها إلى الأبد بلا شك.

كل هذه المصائب تأتي من الثقلاء وما لم نقله أكثر مما قلناه، لكننا – كي لا ندخل في زمرة الثقلاء والعياذ بالله – نكتفي بهذا القدر على أمل اللقاء بكم في الأسبوع القادم في موضوع أخف وزنا وأجمل قيلا.

عبد الواحد استيتو
stitou1977@yahoo.com

http://stitooo.blogspot.com

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...