التحديات المالية للجمعيات الرياضية بطنجة: بين ارتفاع التكاليف والتسعير غير العادل
في السنوات الأخيرة، أصبحت الجمعيات الرياضية تواجه تحديات مالية كبيرة نتيجة ارتفاع تكاليف تعاملها مع الشركات الخاصة المكلفة بتسيير المرافق والمدن الرياضية، مثل المسابح والمرافق الرياضية. هذا الارتفاع في التكاليف يثير العديد من التساؤلات حول تأثيره على الأنشطة الرياضية ومستقبل الرياضة في المدن، خاصة عندما تعتمد الشركات أسعارًا منخفضة في مدن أخرى. مثال حي على ذلك هو حالة “عروس الشمال” طنجة، حيث تتعامل جمعية اتحاد طنجة فرع السباحة مع شركة “صونارجيس” المكلفة بتسيير المسبح الأولمبي.
دور جمعية اتحاد طنجة فرع السباحة
منذ تأسيسها عام 2014، تلعب الجمعية دورًا مهمًا في تعزيز التماسك الاجتماعي من خلال جمع أفراد من مختلف الفئات حول شغف مشترك بالسباحة. كما تساهم في تعزيز الصحة واللياقة البدنية عبر تشجيع ممارسة هذه الرياضة، إلى جانب دورها في اكتشاف المواهب الشابة وتنميتها من خلال برامج تدريبية متخصصة، مما يساعد في تكوين فرق تنافسية تمثل المدينة في المسابقات المحلية، الوطنية، والدولية. علاوة على ذلك، توفر الجمعية فرصًا للشباب لممارسة أنشطة رياضية منظمة، مما يساهم في تطوير مهاراتهم القيادية والاجتماعية، ويبعدهم عن السلوكيات السلبية.
تفاوت تكاليف الانخراط بين المدن
تعتمد الشركات المسيرة للمسابح والمرافق الرياضية، مثل “صونارجيس”، سياسات مالية غير واضحة، حيث تُفرض رسوم مرتفعة في بعض المدن مقارنة بأخرى. هذا التفاوت، الذي غالبًا ما يكون غير مبرر، يؤدي إلى ضغط كبير على الجمعيات الرياضية المحلية التي تعتمد في تمويلها بشكل أساسي على اشتراكات الأعضاء. الفارق الكبير في الرسوم بين طنجة ومدن أخرى يثير تساؤلات حول معايير تحديد الأسعار، والتي يُفترض أن تعتمد على عوامل مثل الموقع أو القدرة الشرائية للسكان، لكنها في الواقع تعكس غياب رؤية واضحة لتحقيق العدالة في تسيير المرافق الرياضية.
تداعيات ارتفاع التكاليف
يؤدي ارتفاع تكاليف المرافق الرياضية إلى تقليص فرص الشباب في الانضمام إلى الأنشطة المهيكلة، حيث تشكل الجمعيات الرياضية متنفسًا رئيسيًا لتطوير مهاراتهم الرياضية والاجتماعية. ومع زيادة الأعباء المالية، يصبح من الصعب على العديد من العائلات تسجيل أبنائها في هذه الأنشطة، مما يحد من انتشار الرياضة بين مختلف الفئات.
إضافةً إلى ذلك، تواجه الأسر ذات الدخل المحدود ضغوطًا مالية متزايدة، حيث تجد الجمعيات نفسها مضطرة إلى رفع قيمة الاشتراكات لتغطية التكاليف المرتفعة. هذا الأمر يحدّ من إمكانية استفادة شريحة واسعة من المجتمع من الأنشطة الرياضية، مما ينعكس سلبًا على الصحة العامة والتماسك الاجتماعي.
كما أن تراجع الأنشطة الرياضية يؤثر بشكل مباشر على التنمية المحلية. فالرياضة ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل هي عنصر أساسي في تعزيز الروابط الاجتماعية، ودعم الهوية المحلية، والمساهمة في بناء مجتمع أكثر صحة وحيوية. ومع تقلص دور الجمعيات الرياضية، تفقد المدن جزءًا من ديناميكيتها الثقافية والاجتماعية.
الحلول المقترحة
لمواجهة هذه التحديات، يجب العمل على وضع سياسات عادلة تضمن تحديد أسعار موحدة أو معقولة لاشتراكات الجمعيات الرياضية، بحيث تعكس الواقع الاقتصادي لكل مدينة ولا تشكل عائقًا أمام الشباب الراغبين في ممارسة الرياضة. وهنا يأتي دور السلطات المحلية في فرض رقابة على الشركات المسيرة للمرافق الرياضية لضمان تحقيق هذا التوازن.
من الضروري أيضًا إشراك الجمعيات الرياضية في عملية اتخاذ القرار، بحيث تتمكن من المساهمة في وضع سياسات مالية عادلة تتناسب مع إمكانياتها واحتياجاتها. فتح قنوات للحوار بين الجمعيات والشركات المسيرة للمرافق الرياضية يمكن أن يساعد في إيجاد حلول وسط تحقق التوازن بين جودة الخدمات وتكلفة الانخراط.
إلى جانب ذلك، يمكن للبلديات أن تلعب دورًا داعمًا من خلال تقديم مساعدات مالية أو لوجستية للجمعيات الرياضية، مما يخفف من الضغوط المالية التي تواجهها هذه الجمعيات ويساعدها على الاستمرار في تقديم خدماتها.
تعزيز الشفافية هو أيضًا خطوة أساسية في حل هذه المشكلة، حيث يجب إلزام الشركات المسيرة بالكشف عن معايير تحديد الأسعار وتوضيح نفقات الصيانة والتسيير، لضمان أن تكون الرسوم المفروضة على الجمعيات مبررة ومنصفة.