تعبأ خبراء وباحثون وهيئات مؤسساتية، مؤخرا، بحثا عن حلول مبتكرة لمواجهة إشكالية الإجهاد المائي التي يعاني منها المغرب، على غرار باقي دول العالم.
ويتوالى انعقاد اللقاءات والملتقيات العلمية، وإعداد خطط العمل، سعيا إلى الإسهام في هذا الجهد الجماعي بهدف تفادي بلوغ قطاع الماء وضعية الإجهاد المائي الحاد، وذلك وفقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية في 14 أكتوبر الجاري.
في هذا السياق، ن ظم الثلاثاء الماضي بالقطب الفلاحي لمكناس ملتقى حول الفلاحة المستدامة والمسؤولة، تحت شعار “فلاحة الغد في مواجهة الإجهاد المائي والتغيرات المناخية”.
والتأم خلال هذا الملتقى، المنظم بمبادرة من جمعية القطب الفلاحي للابتكار ، ونادي روتاري الدار البيضاء الفدا، والجمعية المغربية للسقي بالرش والتنقيط، خبراء وباحثون مغاربة وأجانب، لتقديم حلول ملموسة ومبتكرة في هذا المجال، من أجل الاستجابة للحاجيات المطروحة، وعقلنة تدبير الموارد المائية، مع حماية الوسط الطبيعي لتمكين الأجيال القادمة من تلبية حاجياتها الأساسية.
وأفادت المعطيات التي تم تقديمها خلال هذا اللقاء بأن المغرب يعتبر واحدا من البلدان الأكثر تضررا من تأثيرات التغيرات المناخية على الصعيد العالمي.
وأشار المصدر ذاته إلى أن ظاهرة الجفاف تعتبر معطى هيكليا ضمن النظام المناخي للمغرب، حيث تعرضت المملكة خلال ال30 سنة الماضية، لأزيد من 20 فترة جفاف ضمنها ثلاث فترات دامت 3 أو 4 سنوات متتالية. وهكذا، فإن معدل استهلاك الماء الصالح للشرب لكل نسمة ما فتئ يسجل تراجعا، حيث انتقل من 2560 مترا مربعا سنة 1960 إلى 620 مترا مربعا سنة 2020.
ويؤثر استمرار ندرة الموارد المائية الجوفية والباطنية على جميع القطاعات، ويهدد بشكل خاص المنظومة البيئية الفلاحية التي تمثل لوحدها أزيد من 80 في المائة من حاجيات الماء.
ويأتي تنظيم مثل هذه الملتقيات اعتبارا لضرورة التعبئة الجماعية وفي إطار تظافر جهود جميع المتدخلين (سلطات عمومية، وفلاحين وفاعلين في القطاع الفلاحي، وباحثين، وفاعلين في المجتمع المدني).
وبحسب المنظمين، فإن تنظيم هذا الملتقى يشكل مناسبة لتبادل وجهات النظر بشأن البدائل المطروحة للحيلولة دون تأثير ندرة المياه على عرقلة التنمية السوسيو – اقتصادية بالمملكة، في أفق اعتماد فلاحة مستدامة تساهم في تحقيق النفع الاقتصادي والحفاظ على البيئة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وتدارس المشاركون، بالمناسبة، الآليات الكفيلة بتعزيز دينامية التعاون على المستويين الوطني والدولي، واعتماد برامج عمل وتشجيع ودعم مشاريع تسهم في تقديم حلول مبتكرة للإشكالية المطروحة، من خلال تنظيم مسابقة لحاملي المشاريع المبتكرة ودعم ومواكبة المشاريع المنتقاة.
ووفقا لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات فإن التحكم في مياه الري بالمغرب يعتبر ضرورة للتثمين الفلاحي وضمان الأمن الغذائي ومواجهة آثار الجفاف والتغيرات المناخية.
وتسهم الفلاحة المسقية، التي تمثل أقل من 18 في المائة من المساحة الصالحة للزراعة، بنحو نصف القيمة المضافة الفلاحية في سنة متوسطية، مساهمة بذلك ب 75 في المائة من حجم الصادرات الفلاحية، وفي خلق 40 في المائة من فرص الشغل بالوسط القروي.