رأي: الخبز وهيبة الدولة في الميزان
مدينة طنجة وكغيرها من المدن المغربية عرفت موجة بناء عشوائي واحتلال للملك العمومي لاتخطئه العين شهدته أكثر من منطقة وفي ظل سنة من التساهل وتراخي السلطات في معالجة هذه القضايا تزامنا مع ما وصف بأجواء الربيع العربي
مدينة طنجة وكغيرها من المدن المغربية عرفت موجة بناء عشوائي واحتلال للملك العمومي لاتخطئه العين شهدته أكثر من منطقة وفي ظل سنة من التساهل وتراخي السلطات في معالجة هذه القضايا تزامنا مع ما وصف بأجواء الربيع العربي نمت أحزمة من السكن العشوائي وتناسلت بشكل غير مسبوق حاولت السلطات بعد ذلك هدم غير المرخص من البناء و محاولة إعادة الحياة إلى الشوارع التي شهدت احتلالا للملك العمومي من قبل الباعة المتجولين لكنها جوبهت منهم بعنف كبير ورفض قاطع للمس برغيفهم ومسكنهم كما حدث في حي سيدي إدريس والعوامة. وذلك على الرغم من تأكيد السلطات حرصها على اعادة المياه الى مجاريها من خلال تطبيق القانون ليس إلا.
مئة يوم من عمر أول حكومة في ظل الدستور الجديد انصرفت إذن ويبدو أن محاولات الحكومة الحالية في الحفاظ على هيبة الدولة وضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان قد باءت بالفشل جميعا. انها المعادلة الصعبة التي لم تتمكن بعد من تحقيقها.
وتجلى الفشل في العديد من الأحداث التي كانت مدن تازة ومنطقة بني بوعياش في إقليم الحسيمة مسرحا لها.. أحداث قالت عنها منظمات حقوق الإنسان انها عرفت تجاوزات مختلفة ولم تحقق هذه التدخلات الهدف المعلن :إعادة هيبة الدولة .وهو الهدف نفسه الذي حرص على التأكيد عليه رئيس الحكومة مرار وتكرارا..بل انها زادت من تعميق الهوة بين المواطنين والمؤسسات الساهرة على تطبيق القانون وجعلت ما كان مجرد قضية اجتماعية بالمدينة الى قضية رأي عام وطني قضية ثم ذات بعد دولي..كما عملت أطراف وفق تصريحات مسؤوليين حكوميين على تضخيم هذه الإحداث من خلال ممارسة التلفيق خدمة لأجندتها الخاصة.
ويبدو من الواضح ان الاعتماد الوحيد على المقاربة الأمنية دون غيرها سيؤدي لا محالة الى تكرار نفس السيناريو في مدن مغربية عديدة دون الوصول الى الهدف المعلن. والسبب أن القضايا السالفة الذكر تحمل في طياتها ابعادا اقتصادية واجتماعية متداخلة لا يمكن حلها فقط بين عشية وضحاها بالمقاربة الامنية ولهذا فالرهان الحقيقي هو الحوار ومحاولة ايجاد حلول واقعية من خلال اشراك كافة المعنيين بهذه القضايا . وبالتالي التوفيق بين مطالب المواطنين المشروعة وهيبة الدولة بعيدا عن المزايدات الضيقة.
جوهر
jawhare9@gmail.com