تم اليوم الثلاثاء، خلال مائدة مستديرة بطنجة، تقديم دليل “تدبير الإضراب عن الطعام بالمؤسسات السجنية”، بهدف إرساء تدبير موحد لحالات الإضراب عن الطعام بهذه المؤسسات.
وتم تقديم الدليل، المنجز تحت إشراف لجنة تقنية تضم أطرا تابعة للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ووزارة الصحة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ورئاسة النيابة العامة، لمديري وأطباء المؤسسات السجنية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة وممثلي النيابة العامة ووزارة الصحة وأعضاء اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان.
ويشكل الدليل إطارا مرجعيا يحدد بشكل واضح وسلس مسؤولية ومجال وطريقة تدخل الجهات المعنية خلال جميع مراحل هذه العملية بالفعالية المطلوبة، كل حسب اختصاصه، كما يعد أداة عملية ومرجعا أساسيا للتدبير والتكفل الشاملين والمندمجين بحالات الإضراب عن الطعام، سواء تعلق الأمر بالإجراءات الإدارية أو بالرعاية الطبية الواجب تقديمها للسجناء المضربين عن الطعام في احترام تام للمقتضيات القانونية ذات الصلة، مع تقاسم المعلومات بين مختلف المؤسسات.
وأشارت سلمى الطود، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان المنظمة لهذه المائدة المستديرة، إلى أن طبيعة عمل اللجنة، خاصة ما يتعلق بحماية حقوق الإنسان، يقتضي القيام بزيارات للمؤسسات السجنية وتلقي شكايات السجناء وتتبع أوضاعهم حسب القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المعروفة باسم “قواعد نلسون مانديلا”، موضحة “أن اللجنة الجهوية في عملها تعالج حالات الإضراب عن الطعام الذي يعتبر وسيلة للاحتجاج والتعبير وهو يمس الحق في الحياة والصحة بالنسبة للسجناء”.
وأكدت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الدليل أحدث بفضل جهود المؤسسات الأربعة لتتبع أوضاع السجناء المضربين عن الطعام، ولاسيما لضمان حقهم في الحياة والصحة، مبرزة أن هذا الدليل يحدد بدقة مجال تدخل كل طرف في حالة إضراب أحد السجناء عن الطعام، كما يضمن التنسيق الإيجابي بين كل الأطراف.
من جهته، اعتبر مدير مديرية الحماية والرصد بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، عبد الرفيع حمضي، أن أهمية الدليل تكمن في تنظيم ظاهرة ما فتئت تسجل ارتفاعا، حيث أنه تم رصد حوالي 3 آلاف حالة إضراب عن الطعام بالسجون خلال سنتي 2013 و 2014، مشيرا إلى انه كان من الضروري تنظيم تدبير هذه الحالات بشكل أفضل.
وأضاف أن الدليل، الذي اعتبره الصليب الأحمر من بين المراجع الدولية المعتمدة في مجال تدبير الإضراب عن الطعام لدى السجناء، يجسد التقاء إرادة أربع مؤسسات متدخلة في مجال تدبير السجون بالمغرب، مشيرا إلى أن هذا الإضراب حق للسجين لكن تدبيره يحتاج إلى تضافر جهود عدة متدخلين.
من جانبه، أبرز رئيس قسم الرعاية الصحية بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، توفيق أبطال، أن الدليل يعد أداة علمية تحدد بوضوح مسؤولية ومجال وطريقة تدخل الجهات المعنية طيلة مراحل الإضراب عن الطعام، كما يحدد توقيت نقل المعتقلين من المؤسسة السجنية إلى المستشفى من أجل الرعاية، وذلك وفق درجة خطورة الوضع الصحي للمعتقل.
وأضاف أنه طبقا لهذا الدليل، يتم التكفل بالمعتقل لدى إيداعه بالمستشفى، من قبل الأطر الصحية في احترام تام لأخلاقيات وأدبيات المهنة، وصون كرامته باعتباره مريضا وليس معتقلا مضربا عن الطعام، موضحا أنه يتم، في حال رفض المعتقل العلاج، الاحتفاظ به داخل المستشفى، باعتباره المكان الطبيعي للتكفل بهذه الحالات.
وقد تم إعداد هذا الدليل، المنجز بشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبتشاور مع مختلف الجهات الفاعلة من مجتمع مدني وخبراء ومحامين، وفقا لمقاربة ترتكز على حقوق الإنسان، في احترام للتشريع والخصوصيات الوطنية، والمبادئ الأخلاقية ومقتضيات القانون الدولي.
وتم الاعتماد في إنجاز الدليل على المبادئ التوجيهية الدولية، لا سيما تلك المضمنة بإعلان مالطا، والمبنية أساسا على مبدأ احترام حقوق المعتقلين وصون كرامتهم وضمان سلامتهم الجسدية.