حكاية مراهقة طنجاوية

سين تبلغ من العمر خمس عشرة سنة بالضبط.. تعيش حياة عادية مثل أي مراهقة أخرى في سنها بمدينة طنجة.
سين تبلغ من العمر خمس عشرة سنة بالضبط.. تعيش حياة عادية مثل أي مراهقة أخرى في سنها بمدينة طنجة.

لديها مشاكل مع حب الشباب ومع أخيها الأصغر الذي يصر على مشاهدة التلفزة بالضبط عندما يلاحظ أنها أنهت أشغال البيت. طبعا، لا ننسى ابنة الجيران الحقودة التي تحاول أن تكون أفضل منها في كل شيء و لا تتركها تفرح بأي لباس حتى تكون قد اشترت مثله أو أفضل..

لديها مشاكل مع مساحة اليابان في درس الجغرافيا التي تعجز عن تذكرها ومع أستاذ اللغة الفرنسية الذي يصر على أن تنطق حرف U بشكل صحيح، بينما هي لا تملك لسانا ولا شفتين تقويان على ذلك رغم كل المحاولات..

كما قلنا، هي إذن حياة عادية لمراهقة طنجاوية عادية.. ما الجديد في الأمر؟

قبل شهر تعرفت سين على صديقات جديدات لديهن عالمهن الخاص.. يتحدثن عن أشخاص و أماكن ومغامرات لم تسمع بها سين من قبل.. في بادئ الأمر أثار الأمر استغرابها، ثم ازدادت اقترابا بدافع الفضول.. الفضول الذي قتل القط كما يقول الغربيون.. أصبحت علاقتها بهن أكثر متانة وقوة مع مرور الوقت و الأيام خصوصا أن لا أحد في البيت يسأل لماذا و كيف ومتى؟ الكل منشغل، وهي على وشك دخول عالم رائع.. أو هكذا قلن لها.

فقط أخوها الأصغر لاحظ اهتمامها الزائد بحلقات مسلسل نور، ووقوفها أمام المرآة لساعة و نصف قبل الخروج من البيت، وشرودها الدائم.. حاول أن يشاغبها كي تعود لما كانت عليه فأبت إلا نفورا.

سين الآن لديها صديق هي أيضا.. اسمه ميم، صديق وسيم لديه دراجة نارية من نوع سكوتر ويضع في جواربه سكينا طويلة كي يحميها من الأشرار. سين أصبحت مثل بطلة مسلسل “نور”،و هي أيضا لديها “مهند” الآن.

سين تركب مع صديقها و يذرعان الشوارع ذهابا و إيابا قرب باب الإعدادية، مثيرين الغيظ و الحسد في النفوس.

بعد أن سمعت الكثير من قصص زميلاتها قررت هي أيضا أن يكون لديها صديق مستهتر لا يبالي بأي شيء و قادر على حمايتها و على الشجار من أجلها..

هكذا، بدأ ميم يستعرض عضلاته أمامها بكل الوسائل الممكنة: مناورات بالدراجة، شجار هنا و صراع هناك، ضربة بالسكين و أخرى بالهرواة.. أخيرا اكتمل المشهد في ذهنها و اختارته كي يكون صديقها الحميم.

ميم وقح ويبصق كل دقيقة على الأرض و يسب الدين كل 5 ثوان، ولا شغل لديه إطلاقا سوى الجلوس قرب باب مدرستها.. في الواقع، نموذج رائع جدا ل “البوي فراند”.

يحاول ميم أن يجرب الاقتراب أكثر من صديقته فيطلب منها أن يذهبا لأحد الأماكن الخالية كي يأخذا راحتهما فترفض.. يكرر طلبه.. ترفض بدلال.. يكرر طلبه بإلحاح فتوافق أخيرا، لكنها تؤكد له أنها تخاف أن يضبطهما أبوها أو أحد أقاربها.

ميم لديه حلول لكل شيء، لذا يقترح عليها أن يذهبا معا لبيت صديقه الذي لا يعرفه أحد.. وهناك سيكونان في منأى عن كل الأعين المتلصصة.

توافق سين أخيرا.. هي تريد أن تجرب ما سمعته من صديقاتها و أن تعود لهن هي أيضا بحكاية يذهلن لها وقتا طويلا..

بعد أسابيع من هذا تشعر سين بألم مفاجئ في البطن وبدوخة غريبة.. تغيب عن المدرسة لأيام حتى تشفى، لكن حالتها الصحية تزداد صعوبة فتقرر والدتها أخذها للطبيب.. هناك تسمع هي و الأم آخر خبر يتمناه أي واحد في العالم: إن سين حامل!!

سين الرقيقة.. سين المجتهدة.. سين اللطيفة.. حامل في شهرها الأول!!

طبعا، لا أثر للوغد ميم إطلاقا و لم يسمع عنه أحد أي خبر منذ شهور.. لقد أحس بالأمر وهرب مثلما يفعل كل الجبناء.

تجلس سين لوحدها في غرفتها تفكر وتفكر.. تفكر طويلا وتبكي بحرقة..

بعد ذلك بيوم يصل نعي سين إلى المدرسة.. لقد وجدوها معلقة إلى سقف غرفتها بحبل.. هكذا، انتهت القصة بكل بساطة : مجرد جسد غض يتدلى من سقف حجرة.

عبد الواحد استيتو
Stitou1977@live.fr

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...