الجـــّـــانكي
هؤلاء الرجال الوحيدون؟
هؤلاء الرجال الوحيدون؟
من أين يأتون؟
ولأين ينتمون؟
هائم على وجهه.. أشعث.. أغبر.. نحيف جدا.. ميت حي.. شبه رجل. لا هدف له إطلاقا. لا رغبة في فعل أي شيء. يبحث ذات اليمين وذات الشمال، صعودا ونزولا، ركوبا ومشيا على الأقدام، عن شيء واحد فقط.
في السوق، يقترب منك، يختلق ألفا وخمسمئة علة، ويظهر لك عشر شهادات تثبت أنه مريض بالسرطان والإيدز ولا بأس بإنفلونزا الخنازير على سبيل الاستئناس. يرعب النساء، ويثير غضب الرجال. ينال التعاطف أحيانا، لكن لا أحد يحبه للأسف.
في كل درب مظلم تصادفه. ينظر إليك كالمغشي عليه من الموت، ثم يواصل عمله بصمت. خائف، منهار، خطير أيضا أحيانا.
يوقف التاكسيات، فقط كي يرى إن كان هناك منفذ يدخل منه يده ليأخذ ما تيسر، ولو دريهمات معدودة. أحيانا يكون العقاب شديدا إذا صادف سائقا متحمسا من النوع الذي يكور قبضته بمجرد ما يشعر أن شيئا ما ليس على ما يرام.
يأكلها ساخنة جدا، لكنه قلما يحتج. يعرف جيدا أنه مذنب وأنه لن يستطيع أن يدافع عن نفسه. من أين له القوة كي يفعل؟ … كا يبردا و كايمشي!!
لا ندري جميعا كيف يبدو له العالم. كيف يرانا نحن. ربما يرانا مجرد كيس من الأموال يجمع منا ما يكفيه لشراء مايريده.ربما.. فحال والو كانبانولو كارطيرا !!
في يوم من الأيام كان واحدا منا هو أيضا. رجل عادي ينهض صباحا، ويقضي ساعة ونصف في البحث عن جوربين متماثلين دون جدوى، ويتشاجر مع أخيه الأصغر حول من يلبس حذاء الآخر ومن أخذ السروال الأسود البارحة، ثم – على سبيل التسلية – يصفعه مرة أو مرتين قبل أن يغادر. حياة روتينية وعادية جدا لرجل عادي ولا مفاجآت فيها.. المعادلة الأخطر على الإطلاق : الشوطيس و البلوكيس والأزمة من فوق!!
فجأة تقع الكارثة، عندما يقرر يوما أن يجرب نسيان كل هذه الهموم بهم أكبر. يجرب أن يسبح في عالم آخر وبعد خامس.
يستنشقها فتخنقه ويسعل، ثم ما يلبث أن يطير محلقا، بعيدا… بعيدا جدا. وتجري هي – لعنها الله – في دمائه وتعقد معاهدة صلح مع كرياته الحمراء لمدة عشرين سنة قابلة للتجديد.
ويصبح صاحبنا أسيرا ل” الكاحلة” و” القهوية”.. وإلا كان مرفه ” البايطة”… وكل عائلة “الغبرة” القاتلة.
وهاهو رجل آخر توقف عن الحلم. هكذا، في رمشة عين.
إنه ضحية صغيرة جدا في طاحونة كبيرة جدا..
الله يعفو والسلام! هادا مانقولو!
عبد الواحد استيتو
Stitou1977@live.fr