صائمون والله أعلم
رمضان كريم… كريم جدا. لكننا في طنجة نحاول أن نثبت العكس، فكل التصرفات التي تصدر عن البعض في رمضان تعطي دليلا على أننا في حرب أهلية وليس في أفضل الشهور. خصوصا في الفترة المعروفة إياها، أي قبل أذان المغرب بدقائق حيث ترتفع درجات حرارة الرؤوس وتنعقد ال
رمضان كريم… كريم جدا. لكننا في طنجة نحاول أن نثبت العكس، فكل التصرفات التي تصدر عن البعض في رمضان تعطي دليلا على أننا في حرب أهلية وليس في أفضل الشهور.
خصوصا في الفترة المعروفة إياها، أي قبل أذان المغرب بدقائق حيث ترتفع درجات حرارة الرؤوس وتنعقد الحواجب وتخرج “الكشاكش” من الأفواه الجافة التي حرمت من الدخان طوال اليوم.
صباح رمضان هو أفضل الأوقات في الحقيقة لأن الأغلبية يحالون أن يحافظوا على فراشهم دافئا حتى آخر لحظة، مع أمنية دائمة بأن يفتحوا أعينهم على عقارب الساعة وهي تشير إلى السابعة مساء. لذا، يمكنك أن تضمن أن الشوارع والأسواق تكون شبه خالية، وهو ما يعني قدرتك على قضاء حوائجك بالكتمان وبالهدوء اللازمين.
حتى الذين يستيقظون مثلك صباحا سيكونون هادئين مثلك، خصوصا أن الجفون تكون لاتزال محتفظة بآثار النوم كلها: العمش، والانتفاخ. لا أعتقد أن شخصا بهذه المواصفات سيكون قادرا على الصراع.
الفترة الحرجة هي إذن كما ذكرنا بين العصر والمغرب، حيث ترتفع أبواق السيارات إلى مداها والكل يسب ويلعن وكأن آذان المغرب سيفر إلى مكان آخر ولن يعود!!
أما الأسواق فمصيبتها مصيبة، وأفضل النصائح التي قد تكون فعالة فعلا هي أن تتجنب الرد على أي شخص، خصوصا الباعة المتجولين الذين يتمنون أن يجدوا زبونا عنيدا كي يحولوه إلى عدو لحظي ويبدؤوا في السب والشتم وربما رفع الميزان فوق رأسك أو أحد الأوزان الحديدية، وليس مستبعدا أبدا أن يحول التهديد إلى فعل ويرسلها ساحقة ماحقة تجاهك، والعياذ بالله. المهم أن يبطل صيامه وصيام، وصيام كل من يحيط به. وأن يؤكد للجميع أن شعار رمضان هو الذي كنا نردده في الطفولة: صايمين على الدراع.
رغم أننا كنا معذورين، لأن طفولتنا وافقت رمضان الذي كان يأتي في عز الصيف، وهو شبيه برمضان الذي نعيشه هذا العام. لذا، كنا نتعب بشدة من طول اليوم ومن الإرهاق، ولا لوم علينا. كنا نعاند أنفسنا وبعضنا البعض لنثبت قدرتنا على الصبر والتحمل. والمشكلة أن إمكانية الكذب كانت معدومة، فكل من يدعي الصوم عليه أن يفتح فمه ويخرج لنا لسانه عن آخره لنتأكد من أنه أبيض كالحليب وأن صاحبه قد يموت عطشا في أية لحظة.
طبعا، فعلناها جميعا، واختبأنا في المطبخ وخطفنا خلسة ما طالته أيدينا وأكلناه في بيت الراحة – أعزكم الله – ثم خرجنا إلى الزنقة ندعي أننا أكملنا رمضان كله صياما، بفضل الله ومنته!!
وإن كان القلم مرفوعا عنا كأطفال، فإن من يفطرون اليوم عن طريق إفساد صيامهم بالسب والشتم والقتال بالأسلحة البيضاء والمزركشة هم أناس راشدون وعقلاء، لكنهم فقدوا عقولهم بسبب “البلية” خصوصا..الله يعافينا ويعافيكوم.
رمضان شهر الصيام والخير والبركات والمغفرة.. دعنا نعيشه كذلك. وكل عام وأنتم بخير.
عبد الواحد استيتو
Stitou1977@live.fr