بقلم الدكتور عصام الغاشي | الأمن الوطني المغربي.. حصن الاستقرار وركيزة السيادة في ظل القيادة الرشيدة

تلعب الأجهزة الأمنية دورًا محوريًا في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، فهي الحصن الحصين الذي يقف في وجه التحديات الداخلية والخارجية، ويؤمّن للمواطنين بيئة يسودها الأمان والطمأنينة. والإشادة بهذه الأجهزة ليست مجرد كلمات ثناء، بل هي اعتراف مستحق بجهود عظيمة وتضحيات جسيمة يبذلها رجال الأمن في سبيل حماية البلاد والعباد.

لقد برهنت الأجهزة الأمنية، في مناسبات عديدة، على جاهزيتها العالية واحترافيتها في التعامل مع مختلف التهديدات، سواء تعلق الأمر بمحاربة الجريمة المنظمة، أو مكافحة الإرهاب، أو ضمان السير العادي للمرافق والمؤسسات خلال الأزمات والمناسبات الكبرى. وهي مهام تتطلب يقظة دائمة، وتنسيقاً محكماً، وتكويناً متواصلاً.

ولا يمكن أن نغفل الدور الإنساني والاجتماعي الذي تضطلع به هذه الأجهزة، إذ لا تقتصر مهمتها على حفظ النظام فحسب، بل تمتد إلى حماية الفئات الهشة، والتدخل في حالات الطوارئ، والمشاركة في حملات التوعية والتضامن، مما يعكس صورة رجل الأمن كمواطن مسؤول، يسهر على خدمة الوطن والمواطنين.

ومن هذا المنطلق، فإن الإشادة بالأجهزة الأمنية هي واجب وطني وأخلاقي، يعبّر عن تقدير المجتمع للتضحيات اليومية التي يقدمها رجال ونساء الأمن. كما أنها تحفّز هذه المؤسسات على الاستمرار في أداء رسالتها النبيلة بروح عالية من التفاني والانضباط.

وفي ظل التحديات المتصاعدة التي يعرفها العالم اليوم، يبقى دعم المواطن وتعاونه مع الأجهزة الأمنية شرطًا أساسياً لاستمرار الأمن والاستقرار. لأن الأمن مسؤولية مشتركة، يتقاسمها الجميع، كل من موقعه.

في عالم يشهد تحولات عميقة ومتسارعة على المستويات الأمنية والسياسية والاجتماعية، برزت المملكة المغربية كنموذج متميز في الحفاظ على الأمن والاستقرار، بفضل الرؤية الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وجهود الأجهزة الأمنية التي أثبتت على مر السنين أنها حصن الوطن المنيع، وسياج يحمي مكتسباته ومقدساته.

أولا : الهجمات على المؤسسات الأمنية… مساس بالوطن نفسه
في السنوات الأخيرة، ومع اتساع دائرة الفضاء الرقمي، ظهرت بعض الحملات والمواقف المشبوهة، التي تحاول النيل من سمعة المؤسسات الأمنية المغربية، عبر بث الأكاذيب، أو التشكيك في نوايا رجال الأمن، أو تضخيم أحداث معزولة بغرض تشويه صورة جهاز وطني شريف.

ومثل هذه الهجمات لا تستهدف المؤسسة في ذاتها فقط، بل تستهدف هيبة الدولة، ومناعة المجتمع، وثقة المواطن في مؤسساته. ومن هنا، فإن التصدي لمثل هذه الخطابات المغرضة واجب وطني لا يقل أهمية عن حماية الحدود أو الدفاع عن الوحدة الترابية.

ثانيا: الدفاع عن المؤسسات الأمنية هو دفاع عن الدولة
لا يمكن للدولة أن تقوم بوظائفها الأساسية دون أمن. فلا تنمية بدون استقرار، ولا عدالة بدون حماية، ولا اقتصاد بدون طمأنينة. والأمن، باعتباره مسؤولية سيادية، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مؤسسات أمنية قوية، مهنية، متشبعة بثقافة القانون، وقيم احترام الحقوق والحريات.

إن الدفاع عن هذه المؤسسات هو دفاع عن الشرعية، وعن النموذج المغربي في الإصلاح والتوازن، وعن استثناء مغربي يُضرب به المثل في الاستقرار وسط محيط إقليمي يعج بالاضطرابات

ثالثا: المؤسسة الأمنية المغربية دور محوري في حفظ الأمن والاستقرار
تضطلع الأجهزة الأمنية المغربية، وعلى رأسها المديرية العامة للأمن الوطني، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST)، والدرك الملكي، والقوات المسلحة الملكية، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، بأدوار متعددة ومتكاملة، تهدف إلى الحفاظ على الأمن الداخلي، وحماية حدود الوطن، والتصدي لمختلف أشكال الجريمة والانحراف.

لقد أظهرت هذه الأجهزة قدرات عالية في مواجهة التحديات الأمنية، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، حيث تمكنت، بفضل مقاربتها الاستباقية والذكية، من إحباط عشرات المخططات الإرهابية التي كانت تستهدف أمن واستقرار المغرب، بل وحتى دولًا شقيقة وصديقة. وهذا ما جعل من المغرب شريكًا موثوقًا به في مجال التعاون الأمني الدولي، يحظى بتقدير واسع من قبل كبريات الدول والمؤسسات الأمنية العالمية.

رابعا: المنظومة الأمنية تطور شامل ومستمر في البنية والمهام
منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، شهدت المنظومة الأمنية المغربية نقلة نوعية، تمثلت في تحديث بنياتها التحتية، واعتماد التكنولوجيا الحديثة في التحري والتتبع، إلى جانب تكوين موارد بشرية مؤهلة علميًا ومهنيًا وأخلاقيًا، تتسم بالكفاءة والانضباط وروح المسؤولية.

كما اعتمد المغرب على مقاربة أمنية شاملة، لا تقتصر على البعد الزجري، بل تشمل البعد الوقائي والتحسيسي، حيث تم تعزيز مفهوم “الأمن المجتمعي”، عبر انخراط المواطن كشريك أساسي في ترسيخ ثقافة احترام القانون والمواطنة الصالحة، وهذا ما أكسب الأجهزة الأمنية احترامًا وتقديرًا واسعين لدى فئات المجتمع.

خامسا: الأمن المغربي إشعاع دولي وإسهام فعّال في الأمن الإقليمي
الإشادة بالأجهزة الأمنية المغربية لا تقتصر على الإطار الداخلي فحسب، بل تمتد إلى الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث بات المغرب نموذجًا يُحتذى به في إفريقيا والعالم العربي في مجال الاستقرار الأمني. وتجلّى ذلك في مشاركاته في عمليات حفظ السلام، وتقديمه المساعدة التقنية والاستخباراتية لعدد من الدول لمواجهة التهديدات الإرهابية والعابرة للحدود.

وقد عبرت العديد من الدول الأوروبية والأمريكية والإفريقية عن تقديرها للدور المحوري الذي تلعبه المملكة في مجال تبادل المعلومات وتنسيق الجهود الأمنية، مما يبرز المكانة الاستراتيجية للمغرب كمركز أمن إقليمي ودولي يحظى بالثقة.

سادسا: المواطن في صلب المهام الأمنية
رغم الطابع الصارم للمجال الأمني، لم تغفل الأجهزة الأمنية المغربية الجانب الإنساني والاجتماعي في أداء مهامها. فقد أثبتت خلال الأزمات، كجائحة كوفيد-19 أو الزلازل والفيضانات، أنها جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع، حيث شاركت في عمليات الإغاثة، والتنظيم، وتقديم الدعم للمواطنين، مما عزز من صورتها كمؤسسة مواطنة، قريبة من انشغالات الشعب وهمومه.

ولعل ما يميز رجل الأمن المغربي هو الجمع بين الانضباط الصارم والروح الوطنية العالية، وبين التواصل الإيجابي والاحترام المتبادل مع المواطنين، مما يكرّس الثقة المتبادلة، ويعزز الاستقرار الاجتماعي.

سابعا: واجب الإشادة والتقدير
إن الإشادة بالأجهزة الأمنية ليست مجرد مجاملة أو ترف لغوي، بل هي واجب وطني وأخلاقي تجاه رجال ونساء نذروا أنفسهم لخدمة الوطن، ويقضون لياليهم في حماية الأرواح والممتلكات، ويقدّمون أرواحهم فداءً لأمن المغرب واستقراره. فكم من شهيد ارتقى في سبيل حماية الوطن، وكم من جريح ضحى بسلامته من أجل سلامة الآخرين.

ومن هنا، يجب أن تكون هذه الإشادة رافعة لتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات الأمنية، وحافزًا لمزيد من العمل المشترك من أجل بناء مجتمع آمن ومتضامن، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي يحرص دومًا على تكريم أفراد الأمن والإشادة بجهودهم في خطبه وتوجيهاته.

في الختام، تبقى الأجهزة الأمنية المغربية عنوانًا للقوة الهادئة، والاستباق الحكيم، والانضباط الراقي. وهي إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها صرح الدولة المغربية الحديثة، دولة الاستقرار والتنمية. ومن واجبنا كمواطنين أن نُعلي من شأن هذه المؤسسات، وأن نربّي أبناءنا على احترامها والتعاون معها، حتى يظل وطننا الحبيب، المغرب، بلدًا آمنًا، مزدهرًا، متماسكًا، بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.

إعلان

إعلان

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...