المؤتمر الوطني 12 للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان: دعوة لفعلية الحقوق ومناصرة القضية الفلسطينية
انعقد المؤتمر الوطني الثاني عشر للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان أيام 25 و26 و27 أبريل 2025، بالمعهد الوطني لكتابة الضبط والمهن القانونية والقضائية، تحت شعار: “فعلية حقوق الإنسان في ظل التحولات الراهنة”.
وقد افتُتحت أشغال المؤتمر بندوة موضوعاتية حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وسؤال الفعلية في السياسات العمومية، بمشاركة أساتذة جامعيين وخبراء وفاعلين حقوقيين وطنيين ودوليين، أكدوا خلالها على أهمية التزام الحكومة بحماية هذه الحقوق وضمانها وفق الالتزامات الدستورية والدولية للمغرب.
تميزت الجلسة الافتتاحية بحضور وازن لعدد من ممثلي المؤسسات الوطنية، والبعثات الدبلوماسية، والقطاعات الحكومية، والجمعيات الحقوقية والمدنية، إضافة إلى ممثلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. كما ألقيت كلمات لقيادات الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية.
وفي ظل السياق الدولي الراهن، ألقى السفير الفلسطيني بالمغرب، جمال الشوبكي، كلمة استعرض فيها الوضع بالأراضي الفلسطينية المحتلة، مطالبًا بتحمل المنتظم الدولي لمسؤولياته لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية.
وشهدت الجلسة الافتتاحية أيضًا مداخلات لمنظمات دولية بارزة، من بينها الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والشبكة الأورومتوسطية للحقوق، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان.
وفي إطار ثقافة الاعتراف، كرمت المنظمة مجموعة من الشخصيات الحقوقية، من بينهم الأستاذ عبد العزيز بناني، والفقيدين خالد الناصري وأحمد شوقي بنيوب، إضافة إلى الأستاذة عايدة حشاد، وفاطنة سرحان، ومليكة غزالي.
استمرت أشغال المؤتمر بانتخاب لجان الرئاسة، وفرز العضوية، والافتحاص المالي، وإعداد البيان العام. كما تمت المصادقة بالإجماع على التقريرين الأدبي والمالي، وعلى التعديلات المقترحة للقانون الأساسي للمنظمة.
وخلال اليوم الأخير، صادق المؤتمر على لائحة المجلس الوطني التي قدمها الأستاذ نوفل البعمري، الرئيس المنتخب الجديد للمنظمة، والتي حظيت بدعم الأغلبية بعد التحقق من مطابقتها لشروط النظام الداخلي، مع مراعاة مؤشرات الاستمرارية والتجديد والنوع والشباب والكفاءة.
وقد عرفت جلسات المؤتمر نقاشات حقوقية معمقة تناولت الوضع الحقوقي وطنياً وإقليمياً ودولياً.
على الصعيد الوطني، ثمّن المؤتمر المكتسبات الحقوقية المحققة، مع تسجيل ضعف فعلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ودعا إلى وضع سياسات عمومية ناجعة تضمن حماية الحقوق، مشيدًا بالعفو الملكي عن عدد من الصحفيين والمعتقلين السياسيين، مطالبًا بتوسيعه ليشمل معتقلي الحركات الاجتماعية.
كما دعا إلى استكمال إصلاح القوانين الجنائية ومدونة الحريات العامة، وتفعيل مؤسسات الحكامة المنصوص عليها في الدستور، وسجل التقدم الحاصل في مراجعة مدونة الأسرة، داعيًا إلى إصدار نص قانوني حديث يضمن الحقوق لجميع مكونات الأسرة.
أما على الصعيد الإقليمي، فقد دعا المؤتمر إلى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان بإفريقيا، والانفتاح على الآليات الإفريقية، معبّرًا عن قلقه من تراجع الوضع الحقوقي في بعض الدول المغاربية، ومطالبًا بعدم استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان وضمان احترام حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء.
دوليًا، رصد المؤتمر التحولات العالمية التي تكرس منطق القوة على حساب منطق القانون، مؤكدًا على ضرورة إصلاح منظومة الأمم المتحدة، وتعزيز احترام حقوق الإنسان، ومواجهة خطابات التشكيك والشعبوية.
كما طالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الكاملة في حماية المدنيين الفلسطينيين ووقف جرائم الإبادة الجماعية، مشددًا على أن إحلال السلام يمر عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود سنة 1967.
وفي ختام أشغاله، أوصى المؤتمر بوضع استراتيجية عمل جديدة لأجهزة المنظمة، تقوم على تعبئة كل مكوناتها من أجل التنفيذ الفعّال، بما يعزز الدور الحقوقي للمنظمة في المرحلة المقبلة.