اصبروا وصابروا… بنكيران يعدكم بالمزيد من “تزيار” السمطة

كشفت جلسة العادة الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة بالبرلمان، والتي جرت أطوارها بمجلس المستشارين يوم الأربعاء المنصرم، عما ينتظر المغاربة من قرارات معمدة بالكثير من الدموع والدماء، فبنكيران اعترف بأن لا حل له لمواجهة إفلاس صناديق التقاعد إلا بالز

مجرد توضيح.. محمد العمراني
كشفت جلسة العادة الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة بالبرلمان، والتي جرت أطوارها بمجلس المستشارين يوم الأربعاء المنصرم، عما ينتظر المغاربة من قرارات معمدة بالكثير من الدموع والدماء، فبنكيران اعترف بأن لا حل له لمواجهة إفلاس صناديق التقاعد إلا بالزيادة في سن الإحالة على التقاعد بحيث سينتقل من 60 سنة إلى 67 سنة كما هو معمول به في السويد، والسبب في ذلك أن معدل عيش المغاربة ارتفع إلى 81 سنة، وبالتالي ما دام المغاربة قد أصبحوا يعمرون كل هاته السنين فلم يعد من حقهم الاستفادة من معاش التقاعد بمجرد بلوغهم الستين من العمر.

وصفة بنكيران لمطاردة التماسيح والعفاريت المتسببة في إفلاس صناديق التقاعد لن تقتصر على الزيادة في سن الإحالة على التقاعد، بل ستشمل نظام مراجعة طريقة احتساب راتب التقاعد، حيث لن يصبح آخر راتب يتقاضاه العامل والموظف والأجير هو الذي يتم احتسابه عند التقاعد كما هو معمول به حاليا، بل سيتم اللجوء إلى احتساب معدل الأجر الشهري للعشر سنوات السابقة للتقاعد، معنى ذلك أن بنكيران سيخفض بطريقة فنية من أجرة معاشات التقاعد خاصة إذا علمنا أن أجور المغاربة لم تعرف ارتفاعات ملموسة إلا في العشر سنوات الأخيرة. بنكيران سيقرر أيضا، ضمن مخططه الإنقاذي لصناديق التقاعد، الزيادة في نسبة الاقتطاع المخصص للتقاعد، وهو ما يعني بكل بساطة الزيادة في التحملات والأعباء المالية للملايين من الأسر المغربية.

وعليه، ففي الوقت الذي كان يأمل فيه عموم الموظفين والمأجورين بأن يتقاضوا تقاعدهم على أساس آخر أجرة لهم قبل الإحالة على التقاعد، وكانوا يمنون النفس بالراحة من عذاب سنوات العمل الشاقة، وكلهم أمل وثقة في حكومة المصباح التي وعدت المغاربة بأن تلتفت إليهم وترفع من معاشاتهم تنفيذا لتعهداتها والتزاماتها الانتخابية بتحسين ظروف عيشهم، ما عليهم الآن إلا أن يعيدوا حسبتهم، وعليهم من الآن فصاعدا الاستعداد إلى المزيد من الدموع و التقشف و”تزيار” السمطة.

المتأمل في الحلول التي أن أعلن عنها بنكيران لحل أزمة صناديق التقاعد، سيكتشف أن الفاتورة سيتحملها المتقاعدون البسطاء وحدهم، وكأن الدولة غير معنية بتحمل نصيبها من المسؤولية، فرئيس الحكومة اكتفى بتشخيص الوضعية الكارثية لأنظمة التقاعد، لكنه لم يكشف عن الأسباب التي أوصلت هاته الصناديق إلى الإفلاس، والحال أن التزاماته بمحاربة الفساد تقتضي منه الكشف عن المتورطين في نهب الملايير من أرصدة صناديق التقاعد، و تقديمهم إلى المحاكمة، وإلا فأي معنى سيبقى لشعارات محاربة الفساد التي لا يمل ولا يكل رئيس الحكومة من تكرارها في كل مناسبة ومن دونها.

شخصيا لم أفهم الحكمة من صمت بنكيران على فئات عريضة من الشعب المغربي غير مندمجة في أنظمة التقاعد، فما معنى أن يبقى منتسبو المهن الحرة منهم التجار، المهندسون، المحامون و الصيادلة غير متوفرين على نظام للتقاعد، وما الحكمة في صمت بنكيران على القطاعات الغير مهيكلة ومنهم على الخصوص الباعة المتجولون وهم بعشرات الآلاف، لماذا لم يعلن رئيس الحكومة عن قراره بهيكلة هذا القطاع وتنظيمه، أم أن هاته الفئة تبقى هي الخزان الانتخابي لحزب المصباح وبالتالي أي تضييق عليها هو تضييق على المصالح الحيوية للحزب الحاكم؟…

أليس من الحكمة أن يتم توسيع قاعدة المشمولين بنظام التقاعد حتى يسهل التقليص من تفاقم عجز صناديق التقاعد؟ سؤال نترك الإجابة عنه لدولة الرئيس، كما يلقبه الإخوة اللبنانيون.

رئيس الحكومة، أطال الله عمره وعمر هاته الحكومة السعيدة، لم يترك الفرصة لتمر دون أن يكشف عن نواياه بشأن معالجته للعديد من الملفات الشائكة، فقد اعترف بأنه إنسان “مامزيانش”، وسيتخذ قرارات قاسية وما على المغاربة إلا التسلح بالصبر والسلوان، فسعادته يخير المغاربة بين الزيادة في أسعار الكهرباء حتى يضمن لهم الاستفادة من هاته المادة الحيوية أو أن يأتي وقت لا يجد فيه المغاربة سبيلا للكهرباء، وبالتالي ما عليكم أيها المغاربة إلا أن تقبلوا قرار الزيادة في الكهرباء خلال الأسابيع القليلة من هاته السنة وتحمدون الله على نعمة الكهرباء التي ستنتفعون بها بمنة من رئيس الحكومة، وإن فكرتم في الاحتجاج على الزيادة فما عليكم إلا التسلح بالشمع كوسيلة للإنارة اقتداء بالسلف الصالح.

الجرة لن تقف عند الزيادة في أسعار الكهرباء، بل الأمر سيصل إلى صندوق المقاصة، وما أدراك ما صندوق المقاصة، فبنكيران يرفض من الآن فصاعدا بأن تذهب 50 مليار درهم سنويا لدعم أسعار البنزين وغاز البوطان والدقيق، والحل أنه سيوزع على كل فقير من فقراء المملكة 350 درهم شهريا مقابل تحرير هاته المواد.

وحيث أن بنكيران متأكد من كون المغاربة يحبونه ويثقون فيه، فإنه واثق من نفسه بأن الشعب المغربي لن ينتفض احتجاجا على هاته الزيادات المرتقبة، بدليل أنه تفهم قراره السابق بالزيادة في أسعار المحروقات، بل أكاد أجزم أن بنكيران ينتظر منكم معشر المغاربة أن تخرجوا إلى الشارع لدعم قراراته ومطالبته باتخاذ المزيد منها، فهو يحبكم وأنتم تبادلونه نفس الشعور.

رجائي لا تخذلوه، أعلنوا دعمكم له، وارفعوا أكف الضراعة للمولى عز وجل أن يزيد من روابط المحبة المتبادلة بينكم، فالرجل يريد الإصلاح فأعينوه لتحقيق مبتغاه، وأعانكم الله بالصبر والصمود إنه سميع مجيب.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...