استعرض وزراء ومسؤولون جامعيون وخبراء، اليوم الجمعة بمدينة طنجة، مسارات التحول وجودة الممارسات بخصوص التعليم الدامج بالمغرب وأهم القرارات التي اتخذتها المملكة المغربية لضمان الحقوق للفئات الهشة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وفي هذا السياق، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، أن موضوع هذه الندوة الوطنية يكتسي أهمية بالغة بالنظر للانعكاسات التي تترتب عنه من حيث جودة التكوينات ونجاعة السياسات الموجهة لإعداد رأسمال بشري مُمكن ومهيئ بشكل أفضل للإسهام في الدفع قدما بعجلة التنمية الشاملة والمستدامة، تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مشيرا الى أن الإدماج يعد من بين المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي (PACTE ESRI-2030) لإرساء نموذج جامعي بمعايير دولية، يتيح الإمكانيات الكفيلة بإنجاح المسار الأكاديمي والعلمي للطلبة المعنيين وفق شروط الإنصاف وتكافؤ الفرص.
وأبرز السيد ميراوي أن مفهوم الإدماج كما يكرسه المخطط الوطني هو ذو طابع شمولي مندمج، بحيث يشمل المسار الأكاديمي برمته وكذا الأنشطة الجامعية الموازية كلها، وذلك اعتبارا للأهمية التي تكتسيها هذه الأنشطة من حيث صقل المواهب وتحرير الطاقات الإبداعية وترسيخ روح المبادرة، مع ما يترتب عن ذلك من تعزيز الرابط الاجتماعي وتقوية أسس العيش المشترك.
وفي السياق ذاته، أكدت وزيرة التضامن والادماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، أن تيسير ولوج الطلبة المعنيين بالإدماج للمؤسسات الجامعية وتحسين ظروف تحصيلهم المعرفي وتوفير بنيات مناسبة للولوج من الشروط الأساسية التي يعمل عليها المغرب في إطار استراتيجية وطنية لإدماج الجامعات في وسطها المجتمعي وتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من الفوارق.
وأبرزت السيدة حيار أن المغرب بفضل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس يعمل جادا وبوتيرة مهمة لتوفير الحماية الاجتماعية لكل أفراد المجتمع ومؤسسة جامعة دامجة، وتوفير كل الخدمات الملائمة للأشخاص في وضعية إعاقة وتبسيط الإجراءات والخدمات وتسهيل ولوجهم لسوق الشغل وإدماجهم المهني بشكل يتجاوب مع الكفاءات التي يتمتعون بها، معربة عن الأمل في أن تعمم البنيات وشروط التحصيل الملائم لكل الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ليس فقط على مستوى الولوج بل وأيضا على مستوى بنيات البحث العلمي.
وبالنسبة لرئيس جامعة عبد المالك السعدي، بوشتى المومني، فإن مفهوم الدمج في مؤسسته قد تجاوز المفهوم والإجراءات البسيطة الى إصلاح في التكوين والتدريس في إطار سياسة المغرب الشاملة التي تسعى الى تأهيل العنصر البشري وضمان انخراطه في مخططات التنمية، مشيرا الى أن جامعة عبد المالك السعدي تمكنت من إحداث قطب جامعي يتوفر على كل الشروط الموضوعية للإدماج ويحقق الكرامة وشروط التحصيل للطلبة المعنيين.
وأبرز رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الحبيب المالكي، في كلمة تليت نيابة عنه، أن الجامعة الدامجة تعد حلقة أساسية في استراتيجية المغرب لتحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص والجودة والارتقاء بالمجتمع وضمان تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة، مشددا على أن دستور المغرب يولي اهتماما خاصا لحقوق الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ومصالحهم الفضلى، داعيا الى تعبئة كل الوسائل لتمكين المعنيين من الحقوق الأساسية وتوفير المرافق العمومية الدامجة.
وأضاف أن كل المتدخلين في الشأن التعليمي والجامعي يعملون ميدانيا لتوفير ظروف التعليم والنجاح الدراسي للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وتنزيل وتحقيق مشاريعهم الشخصية، والاستثمار الأمثل في الإنسان والعنصر البشري، وكذا إحداث تغييرات جذرية في الممارسات والتمثلات والمواقف والإجراءات الميدانية الدامجة.
وقال الكاتب العام للمرصد الوطني للتنمية البشرية، الحسن المنصوري، أن الجامعة الدامجة والتعليم الدامج من الأولويات التي يعمل عليها المغرب بجد واجتهاد ويتجلى ذلك في مخططات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تروم ضمان حقوق الإنسان في مفهومها الشامل وحق الجميع في تكوين وتعليم ذي جودة وفق رؤية مغربية شاملة للعدالة الاجتماعية والحد من الفوارق والتفاوت.
وفي السياق ذاته، قال رئيس الشبكة الجامعية المغربية من أجل تعليم دامج، محمد يوبي إدريسي، أن تحقيق جامعات دامجة على أرض الواقع أصبح ممكنا بفضل تبني غالبية الجمعات المغربية لشروط الدمج التي تتعدى مستوى توفير الولوجيات فقط الى توفير شروط التحصيل الدراسي الجامعي المتكامل وتمكين الأشخاص من ذوي الحركية المحدودة من المساهمة في البحث العلمي والرفع من منسوب التوعية والتحسيس، وكذا بلورة خارطة طريق يساهم فيها كل الشركاء المؤسساتيين والجامعيين والمدنيين كل من موقعه، من أجل محاربة الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية والحد من الهدر الجامعي.
وتطرقت الندوة، عبر محوري “التعليم الدامج في السياسات والبرامج :الحصيلة والتحديات” و”إنجازات و ممارسات الشبكة الجامعية المغربية من أجل تعليم دامج”، الى كيفية استثمار التنوع الوظيفي لتنمية الرأسمال البشري والتطور الاقتصادي، والشروط القبلية لتحقيق التنوع والإنصاف والجودة في جميع مكونات المنظومة التعليمية، والانتقال المفاهيمي والتحول في منظومة التعليم للنهوض بالممارسات الجامعية ورهانات التكوين المهني في أفق الارتقاء أكثر بمستوى التعليم الدامج.
وجرى بالمناسبة التوقيع على اتفاقيتي شراكة وتعاون، الأولى بين جامعة عبد المالك السعدي والشبكة الجامعية المغربية من أجل تعليم دامج والثانية بين الشبكة الجامعية وجامعة القاضي عياض، والتي ترومان بالأساس إلى إرساء تعليم دامج للطلبة المستهدفين وتوفير مستلزمات وشروط تنظيم تكوينات وورشات تحقق المسعى من الاتفاقيتين، وإعداد دليل تكييف الامتحانات والترتيبات التيسيرية اللازمة لفائدة الطلبة المعنيين، ومنح جائزة سنوية لأفضل مؤسسة جامعية دامجة.