إحياء ليلة القدر بتطوان.. رمزية دينية واجتماعية خاصة تعكس عظمة هذه الليلة المباركة
يتميز إحياء ليلة القدر بتطوان، كما في غالبية المدن المغربية، برمزية دينية واجتماعية خاصة تعكس عظمة هذه الليلة المباركة وخصوصيتها في الوجدان والذاكرة، وكذا تشبث المغاربة بأصالتهم وعاداتهم العريقة وموروثهم الحضاري الغني والمتفرد.
طنجة نيوز – بقلم عبد العزيز حيون / و.م.ع
يتميز إحياء ليلة القدر بتطوان، كما في غالبية المدن المغربية، برمزية دينية واجتماعية خاصة تعكس عظمة هذه الليلة المباركة وخصوصيتها في الوجدان والذاكرة، وكذا تشبث المغاربة بأصالتهم وعاداتهم العريقة وموروثهم الحضاري الغني والمتفرد.
ويحرص أهل تطوان على إحياء ليلة القدر بصبغة خاصة فيها كثير من التبجيل والتعظيم لله عز وجل، بما يستلزمه الامر من قدسية والتزام خاصين، وفي الوقت ذاته تربية الناشئة على التشبع بهذه العادات والتقاليد، التي وإن كان لها طابع ديني محض، فإن لها خاصيات ذات جمالية استثنائية تكرس القيم الثابتة للحياة الاجتماعية الأصيلة.
كما تحرص أسر تطوان، من منطلق ما توليه من اهتمام خاص بهذه الليلة المباركة، على التحضير لهذا الموعد الديني من خلال العناية بالمنزل، وتبخير كل فضاءاته وتأثيثه وتزيينه بأجمل الأثاث والأغطية والزرابي، بالرغم من أن جل أفراد الأسرة يقضون ليلهم في المساجد والتعبد والتقرب الى الله ونيل الأجر العظيم وكذا زيارة الأهل.
كما تعتني نساء تطوان، كعادتهن في الأعياد والافراح، بالأزياء التقليدية لأزواجهن وأبنائهن، من البنات والأولاد، بشكل استثنائي، مع الحرص على تبخيرها بالعود والعطور والمسك ورشها بماء الزهر، وفي نفس الوقت إعداد مائدة خاصة تشتمل غالبا على أكلة “الثريد” التي تحضر برغيف رقيق خاص بالدجاج واللوز و السكر المسحوق والقرفة، فيما تفضل أسر أخرى تحضير الكسكس ب”التفاية ” (بالبصل والزبيب والحمص).
ومن مميزات اليوم المبارك الذي يسبق ليلة القدر، أنه يعد فرصة لتعويد الأطفال على الصيام وتلقينهم شروطه وأهدافه وكذا تشجيعهم على الصبر والتحمل ومواجهة الصعاب والتمسك بالتقاليد، ويحضر بالمناسبة فطور خاص يشتمل على أنواع مختلفة من الأطعمة، مع منح الأطفال بعض الهدايا للتنويه بقدرتهم على التحمل وأداء الواجب الديني،كما تحاط الفتيات الصغيرات بعناية خاصة بتزيينهن بألبسة تقليدية خاصة تعرف ب”الشدة التطوانية” المزينة بالحلي الذهبية والجواهر والأساور والقلادات.
ويحرص الرجال على مرافقة أبنائهم من الذكور الى المساجد لإحياء ليلة القدر ،وجرت العادة في هذا الاطار أن لا يذهب الشخص الى مسجد واحد بل يتطلع الى الصلاة والتعبد في مساجد مختلفة، فيصلي ركعتين أو أكثر في كل مسجد من مساجد تطوان، التي تعمر بها كل أحياء المدينة.
ومن تقاليد أهل تطوان في التعبد كذلك إحياء الليالي الوترية من العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، وهناك من يحرص أن يؤدي صلاة التراويح بإتمام قراءة عشرة أحزاب متتالية عند الصلاة الى وقت السحور مع تمديد السجود، فيما يتم ليلة السابع والعشرين قراءة القرآن الكريم أكثر من الأيام الأخرى بل قد يتجاوز ذلك إلى قراءة القرآن كاملا.
ولكسب أجر ليلة القدر، كإحدى الليالي العظيمة التي جعلها الله عز وجل جائزة للمتقين حيث تتنزل الرحمة، تتنوع أعمال الصائمين التي تقربهم من الله عز وجل وتساعدهم على نيل الأجر العظيم والغفران ،وتكثر بذلك المبادرات الخيرية عبر زيارة دور العجزة والايتام والمستشفيات ومراكز العناية بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وفي وضعية صعبة وعيادة المرضى وصلة الرحم وزيارة الاقارب وتقديم العون المادي والمعنوي لمن يحتاج الى ذلك.
ورغم تعدد المبادرات الشخصية والمجتمعية، فإن إحياء ليلة القدر وباقي أيام العشر الأواخر من الشهر المبارك تبقى مناسبة دينية واجتماعية لتكريس القيم المثلى في المجتمع والعادات الجميلة التي تثبت خصوصية المغاربة و محافظتهم الدائمة على ثوابتهم وتقاليدهم العريقة.