يشكل المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بطنجة، الذي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشينه أمس الجمعة، قطبا طبيا من الجيل الجديد أنجز وفق أرقى المعايير الدولية في مجال الصحة.
وتجسد هذه المنشأة الصحية التعليمات السامية لصاحب الجلالة بجعل الحق في الولوج إلى الخدمات الصحية، الذي كرسه دستور المملكة، إحدى الركائز الأساسية لتعزيز قيم المواطنة الكريمة وتحقيق تنمية بشرية شاملة، مستدامة ومندمجة.
بالفعل، يعد المركز الاستشفائي الجامعي بطنجة، الذي توج بجائزة Archdaily Awards 2023 في فئة “الرعاية الصحية”، مجمعا استشفائيا-جامعيا، يتألف من العديد من الأقطاب والمنصات الطبية-التقنية، ومزودا بآخر التكنولوجيات المتطورة في الرعاية الطبية والصحية، ومصمما في شكل هندسي مستدام يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
ويتموقع المركز الاستشفائي الجامعي لطنجة الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 797 سريرا، بقلب منظومة صحية بامتياز، على قطعة أرضية تبلغ مساحتها 23 هكتارا (منها 110 ألف متر مربع مغطاة).
وتتوزع المهام الأساسية للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس على أربعة محاور. يتمثل المحور الأول من بينها في تقديم العلاج، من خلال توفير الرعاية الصحية من المستوى الثالث، والرعاية العامة والمتخصصة و مرافق أخرى مخصصة للمرضى في حالات الطوارئ أو في حالة الأنشطة المبرمجة.
في هذا السياق، أكد البروفيسور عكَوري محمد، مدير المستشفى الجامعي محمد السادس بطنجة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء وقناتها الإخبارية M24، أن المركز، الذي تفضل جلالة الملك بتدشينه، يعتبر “أكبر قطب صحي في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ويأتي لتقديم العلاجات من الدرجة الثالثة للمواطنين”، مشددا على أنه “يتوفر على مجموعة من المصالح والمرافق الطبية من الجيل الثالث ، التي تستجيب للمعايير الدولية في المجال.
ولهذا الغرض، يشتمل المركز على مستشفى التخصصات (586 سرير) الذي يتكون بدوره من قطب طبي وجراحي، ومصالح في مختلف التخصصات الطبية، ومستشفى الأم والطفل (211 سرير)، الذي يضم قطبا طبيا جراحيا، وقطب “طب المستعجلات والانعاش”، وجناح مركزي للعمليات الجراحية (31 قاعة) مجهز بمعدات وتجهيزات من الجيل الجديد وبنظام تسييري معلوماتي بالكامل، وصيدلية استشفائية مركزية يعتمد تدبيرها على نظام معلوماتي مندمج مجهزة بروبوت للتخزين والتوزيع.
كما ستضطلع هذه المنشأة بمهمة التدريس، حيث سيقدم المركز هذه الخدمة بالشراكة مع كلية الطب والصيدلة والمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة (ISPITS) ، وغيرها من الهياكل التعليمية العامة أو الخاصة.
وعلى هذا النحو، سيساهم المركز الاستشفائي الجامعي في التعليم الطبي والصيدلاني الجامعي وما بعد الجامعي ويشارك في التدريب العملي لممرضي وتقنيي الصحة، إذ يتوفر المركز على قاعات خاصة بالتدريس النظري، إلى جانب توفير الفضاءات المناسبة للتدريبات التطبيقية.
اما المحور الثالث من الخدمات فيتمثل في البحث العلمي، حيث سيتم انجاز الأبحاث في مجال الطب والتمريض والتقنيات الصحية بالتعاون مع كلية الطب والصيدلة ومعاهد المهن التمريضية وتقنيات الصحة (ISPITS) وبعض وحدات التدريب والبحث الوطنية والأجنبية.
ويتعلق المحور الأخير من المهام الموكولة للمركز في ضمان الصحة العامة، من خلال مساهمة وحدة الرعاية الصحية أيضا في تحقيق الأهداف المحددة والمتعلقة بالسياسة الصحية التي تدعو إليها وزارة الصحة.
ويشكل افتتاح هذه المنشأة الطبية دفعة قوية لتنزيل السياسة الصحية على صعيد جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، حيث يشكل القطب الرئيسي للارتقاء بجودة ومستوى الخدمات الاستشفائية المقدمة للمواطنين، لاسيما وأنه سيكون مدعوما بمجموعة من مشاريع المستشفيات قيد الإنجاز، ويتعلق الأمر بالمستشفى الجهوي متعدد التخصصات قيد الإنجاز بتطوان، والمستشفى الإقليمي بالحسيمة، والمستشفى الإقليمي بوزان.
وأكد البروفيسور عكَوري أن المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بطنجة “سيجنب المواطنين عناء التنقل والسفر للمدن الأخرى بحثا عن العلاج والاستشفاء”، معتبرا أن لهذا المركز “قيمة مضافة ستكون في صالح سكان الجهة خصوصا، وكل المواطنين والمرتفقين عموما”.
وشدد على أن تدشين هذه المنشأة الطبية الحديثة يأتي في ظرفية تتسم ب “تغييرات جذرية في المنظومة الصحية، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، والتي تشكل إقلاعا استثنائيا لتنزيل منظومة الصحة والحماية الاجتماعية”.
ويراعي المركز الاستشفائي الجامعي كافة معايير التنمية المستدامة، إذ أبرز البروفيسور عكَوري أن “تصميم وتجهيز المركز يراعي خفض استهلاك الطاقة والإضاءة، ومعالجة النفايات الطبية وغير الطبية لعدم الإضرار بالمحيط”، مشيرا إلى أن هذه المعايير تدمج المستشفى في محيطه بالقرب من الغابات والبحر، لاسيما وأنها عوامل تساعد نفسيا على التشافي.
بالفعل، فقد مكن إنجاز هذا المركز الاستشفائي الجامعي لطنجة، لاسيما بالقرب من كلية الطب والصيدلة والمركز الجهوي للأنكولوجيا ومستشفى الأمراض العقلية، من بروز قطب طبي حقيقي للتميز على مستوى المنطقة الشمالية للمملكة، وهو ما يتماشى تماما مع أهداف برنامج “طنجة الكبرى” ، الذي مكن من الارتقاء بحاضرة البوغاز إلى مصاف كبرى المدن المتوسطية الرائدة.