افتتح أمس السبت بالمنتزه الحضري بيرديكاريس (غابة الرميلات)، غرب بطنجة، مركز تعريف التراث “بيرديكاريس”.
وقد تم تحويل قصر بيديركاريس، الذي بناه المواطن الأمريكي من أصل يوناني، إيون بيرديكاريس، سنة 1878 في قلب غابة الرميلات لاستقبال زوجته المصابة بمرض السل، إلى متحف يجمع بين التعريف بهذه الشخصية التاريخية ويستعرض التنوع البيولوجي لهذه المنطقة وللجهة ككل.
ويتميز العرض المتحفي ببناية قصر بيدريكاريس، التي شيدت فوق ربوة تطل على مضيق جبل طارق وفق أسلوب معماري تركيبي يجمع بين الأسلوب الانجلوساكسوني والطراز الكلاسيكي الوسيط الذي يستحضر شكل قلاع أوروبا، بالغنى والتنوع، حيث يأتي افتتاح البناية في إطار فعاليات “شهر التراث”.
وقد خصص الطابق الأرضي من البناية لتقديم شخصية إيون بيرديكاريس وإقامته، كما يروي السياق التاريخي العام لطنجة الدولية والدبلوماسية والمتعددة الثقافات من خلال معرض لأشياء يومية وخرائط وصور فوتوغرافية.
بينما يبرز الطابق الأول التنوع والغنى البيولوجي الذي يميز غابة الرميلات من خلال عرض بيداغوجي مصور لبعض الأصناف النباتية والحيوانية للجهة، وكذا بعض الكائنات النباتية والوحيشية التي تميز غابة الرميلات، التي تعتبر كمحمية ذات أهمية بيولوجية وإيكولوجية، حظيت بالتهيئة كمنتزه طبيعي حضري.
وأبرز المدير الجهوي للثقافة بطنجة-تطوان-الحسيمة، كمال بنليمون، في كلمة بالمناسبة، أن “أشغال الإصلاح والتأهيل والتجهيز التي استفادت منها هذه المعلمة التاريخية جعلها تنبعث من أنقاضها بعد عقود من الإهمال”، مبرزا أن توظيفها كمركز تعريف التراث يروم “إغناء البنيات الثقافية وتثمين دور التراث المعماري الأصيل منه والكولونيالي في ضخ دينامية جديدة في مسارات السياحة الثقافية للمدينة والجهة”.
وأبرز أن هذا المشروع يندرج ضمن “مشروع وطني شامل ومتكامل يرعاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس يرمي بالأساس إلى تثمين التراث المادي واللامادي، حيث يراهن من خلاله المغرب على أن يجعل من هذا التراث رافدا أساسا من روافد ثقافتنا في تعددها و تنوعها، ومقوما من مقومات هوية أمة عريقة، تستمد خصوصيتها من تنوع روافدها العربية الأمازيغية الإفريقية المتوسطية الأطلسية”.
وذكر بأن “إعادة توظيف هذا القصر، الراسخ بشموخه في الذاكرة الديبلوماسية والتاريخ السياسي لطنجة الدولية وللمغرب كمركز لتعريف التراث، تعد من أهم المشاريع الثقافية التي أنجزها قطاع الثقافة في إطار البرنامج الملكي طنجة الكبرى، بشراكة مع قطاع المياه والغابات، وتحت إشراف ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة، بتكلفة مالية ناهزت عشرين مليون درهم”.
من جهته، اعتبر المدير الإقليمي لقطاع المياه والغابات بطنجة أصيلة، أكعبون حليم، أن افتتاح هذا المركز يتزامن مع لحظة مفصلية تتميز ببلورة استراتيجية “غابات المغرب 2020 – 2030 على أرض الواقع”، موضحا أنها استراتيجية تعكس التوجه الجديد في تدبير المنظومة الغابوية والموارد الطبيعية، خصوصا ما يتعلق بالمحافظة وتثمين المناطق المحمية وانفتاحها على الساكنة المحلية والزوار عموما.
وبعد أن ذكر بالمؤهلات الطبيعية التي تزخر بها جهة الشمال، أشار إلى أن مركز تعريف التراث بيرديكاريس يعتبر مؤسسة ثقافية متحفية تعنى بمجال التعريف بالتراث الطبيعي والثقافي لطنجة ولمنتزه بيرديكاريس بشكل خاص، ولمنطقة البوغاز بشكل عام، مبرزا أن المركز يعرف أيضا بالتنوع البيولوجي لطنجة وللجهة ولباقي المحميات بالمغرب ويرسم مسارات هجرة الطيور.
وتم بهذه المناسبة عقد مائدة مستديرة حول “المحافظة على التراث المعماري” بتعاون بين المحافظة الجهوية للتراث وهيئة المهندسين المعماريين، والتي تم خلالها استعراض مجموعة من التجارب في تثمين وصون التراث المعماري والأثري بالجهة.