ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، هذا الورش الملكي الطموح، وعلى مدى السنوات الماضية، في إرساء مشاريع بخدمات متكاملة على مستوى تراب إقليم الفحص-أنجرة.
وتجلت هذه المشاريع بشكل خاص في قطاعي الصحة والتعليم، عبد إرساء منظومة متكاملة تسعى إلى تقريب الخدمات من قاطني هذا الإقليم القروي بامتياز، خاصة في ظل تشتت تجمعاته السكانية وافتقاره إلى مركز حضري يشكل نواة الدينامية التنموية.
وقد حرصت السلطات المحلية على تفعيل مشاريع نوعية تساهم في الرفع من مؤشرات التنمية البشرية على مستوى مختلف الجماعات، من قبيل مراكز تقوية قدرات النساء والشباب، وخدمات التعليم الأولي، وتعزيز الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية.
في إطار اتفاقية ضمن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تم إحداث مركز تصفية الدم الفحص أنجرة، الواقع بتراب جماعة القصر الصغير، والذي شرع في استقبال مرضى القصور الكلوي منذ مارس 2017، وفق فلسفة تروم تجاوز العقبات التي تحد من ولوج المرضى إلى العلاج المنتظم لهذا المرض المزمن.
وقد كان هذا المركز، الذي يستقبل في الوقت الراهن 24 مريضا، بمثابة نفحة رحمة جنبت السيدة فاطمة بوغنايم، القاطنة بقرية غزيليش، عناء التنقل إلى المدن القريبة طلبا للعلاج، وهي التي ابتليت بهذا المرض منذ عدة سنوات.
وكغيرها من المرضى المواظبين على العلاج بالمركز، تنتظر السيدة فاطمة بوغنايم السائق محمد أمين الميموني ليقلها على متن عربة نقل، اقتنيت خصيصا لهذا الغرض في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى المركز لتلقي حصتي العلاج المتعبتين كل أسبوع.
قبل اقتناء هذه العربة التابعة للمركز، كانت السيدة فاطمة تعاني الأمرين للتنقل، في طرق غير معبدة أحيانا، من قريتها الواقعة بأحد الجبال المجاورة إلى غاية المركز. بالرغم من قرب المسافة، قد تكون هذه الرحلة شاقة بالنسبة لبعض مرضى القصور الكلوي الذين يعانون من الإجهاد عادة.
وتقول فاطمة بولعيش، ابنة السيدة فاطمة بوغزايل، إن “والدتي كانت تجد صعوبة في الولوج إلى العلاج بسبب الكلفة، لكن الآن بفضل المركز والجمعية المسيرة أصبحت تتلقى العلاج بشكل مجاني ومنتظم، بل وتستفيد حتى من النقل الذي سهل لها الولوج إلى هذا العلاج”.
في هذا السياق، يؤكد السائق محمد أمين الميموني، أن توفير خدمة النقل، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ساهم بشكل كبير في تقريب خدمات مركز تصفية الدم من المرضى، موضحا أن عدد المستفيدين من النقل يصل حاليا إلى 9 مرضى.
قد يبدو هذا العدد قليلا، لكن السائق يقطع يوميا حوالي 400 كلم لنقل المرضى الذي يعانون صعوبات في التنقل للمركز لتلقي العلاج في الفترة الصباحية أو الزوالية، بواقع حصتين من أربع ساعات للواحدة كل أسبوع.
ويؤكد المسؤولون عن أوراش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم الفحص-أنجرة أن خدمة النقل مكنت من تجاوز عراقيل التنقل التي كانت تدفع بعض المرضى إلى التغيب عن الحصص العلاجية المجانية، سواء بسبب ضعف الإمكانات المادية أو الشعور بالإرهاق والتعب أو سوء الأحوال الجوية أو غياب وسائل النقل في بعض الأماكن، مبرزين أنه تم توفير سيارة إسعاف خاصة بالمركز للتكفل بنقل الحالات الحرجة أيضا.
في هذا السياق، يؤكد رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة الفحص-أنجرة، محمد تصميت، أن هذا المركز هو ثمرة جهود مجموعة من المتدخلين، وفي مقدمتهم رئيس وأعضاء اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، مبرزا أنه تم تخصيص غلاف مالي بقيمة تفوق 7 ملايين درهم على عدة سنوات لبناء المركز وتجهيزه وتسييره.
من جهته، أبرز عبد المجيد الدهدوه، مدير جمعية أمل لمرضى القصور الكلوي – فرع القصر الصغير – أن عدد المستفيدين يصل حاليا إلى 24 مريضا، لكن الطاقة الاستيعابية للمركز تعادل 65 مريضا، مثمنا جهود المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وباقي الشركاء في توفير خدمة تصفية الدم بشكل مجاني لمرضى الإقليم.
ويعتبر مشروع مركز تصفية الدم الفحص-أنجرة مثالا نموذجيا للمشروع الملكي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي جاءت لتسد العجز في الأماكن الأقل تجهيزا وحظا في التنمية، وتعزز العدالة المجالية، وتقرب الخدمات الأساسية لكافة المواطنين عبر مشاريع هادفة ومتكاملة.