جمعيات وهيئات مهنية تُعلن رفضها لنظام المساهمة المهنية الموحدة CPU وتذكر الأسباب

أعلنت أزيد من 60 جمعية وهيئة مهنية رفضها لنظام المساهمة المهنية الموحدة الذي اعتمده قانون المالية 2020، وذكرت 5 أسباب في بلاغ موجه، لرئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ووزير المالية، ووزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، والمدير العام للمديرية العامة للضرائب.

وعددت الجمعيات الموقعة رفضها لنظام المساهمة المهنية الموحدة كالتالي:
1 – من خلال البلاغ الأخير لمديرية الضرائب الذي طالبت فيه المعنيين بضرورة التصريح الإلكتروني برقم المعاملات لسنة 2020 والأداء التلقائي للمساهمة المهنية الموحدة ومحتوى الدليل العملي الذي نشرته مديرية الضرائب في موقعها الإلكتروني الخاص بتطبيق نظام المساهمة المهنية الموحدة، والذي أوضحت فيه كيفية احتساب الأساس الخاضع للضريبة وفق نظام المساهمة المهنية الموحدة برسم سنة 2021 (دخل سنة 2020).

وأوردت فيه مثالا عن طريق احتساب المساهمة المهنية الموحدة الخاضع للضريبة بدء مزاولة نشاطه المهني في فاتح يناير 2020 أدلى بأول إقرار له في إطار نظام المساهمة المهنية الموحدة برسم سنة 2021 يتبين لنا بما لا يدع مجالا للشك أو التأويل أن مديرية الضرائب جانبت الصواب وخالفت مقتضيات المادة 6 الأحكام الانتقالية لقانون المالية لسنة 2021 خاصة الفقرة 4 منها، التي تنص أنه تظل الأحكام المتعلقة بنظام الربح الجزافي الجاري بها العمل قبل فاتح يناير 2021 سارية المفعول لغرض الوعاء والمراقبة والمنازعات والتحصيل بالنسبة للخاضعين للضريبة المحدد دخلهم المهني وفق النظام المذكور قبل هذا التاريخ.

كما أن مديرية الضرائب خالفت الفصل السادس من الدستور الذي ينص على عدم رجعية القوانين حيث ورد فيه بصياغة قانونية واضحة لا لبس فيها “ليس للقانون آثر رجعي” على سبيل العموم مما يؤكد أن مبدأ عدم رجعية القوانين يسري على جميع القوانين دون استثناء بما فيها القوانين المالية والقوانين الضريبية، وتجدر الإشارة هنا إلى أن تطبيق سعر ضريبي أحدثه قانون جديد على ضريبة تحقق سبب فرضها قبل سريان ذلك القانون هو تطبيق بأثر رجعي (قرار عدد 1439 بتاريخ 11 نونبر 1999 ملف عدد 99 / 345 بالغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى)، ولأن العبرة في تحديد القانون الواجب التطبيق هي بتاريخ تحقيق الواقعة المثبتة بالضريبة (قرار محكمة النقض عدد 103/2 المؤرخ في 30 يناير 20214)، فالضريبة تسري على الربح المحقق في سنة معينة وفق المقتضيات القانونية القائمة وقت اختتام السنة، وحتى لو تغير المقتضيات فيما بعد، وبما أن الأرباح الخاضعة للضريبة قد تحققت في الفترة الممتدة من فاتح يناير 2020 إلى غاية متم دجنبر 2020، أي أنها تحققت قبل دخول قانون مالية 2020 حيز التنفيذ، مما يعني أن لا يجوز تطبيق مقتضياته على الوقائع التي نشأت في ظل القانون القديم.

2 – بعد دراسة طريقة احتساب الضريبة وفق نظام المساهمة المهنية الموحدة يتبين لنا أن هذا النظام الجديد جائر وظالم وغير عادل ويتعارض مع مقتضيات الدستور خاصة الفصل 39 و 40 منه، والذين ينصان على أن المواطنين يتحملون التكاليف العمومية والتكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد كل على قدر استطاعته وكذا بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، حيث يمنح نظام المساهمة المهنية الموحدة تخفيضات مهمة لذوي الدخل المرتفع، ويخضع صغار الملزمين بضريبة مرتفعة حد الإجحاف، خاصة الذين كانت مبالغ الضريبة التي يخضعون لها منخفضة أو الذين كانوا معفيين منها بحكم عدم تجاوز دخلهم السنوي 30 ألف درهم، ولتوضيح ذلك نورد هذه الحالة على سبيل المثال لا الحصر:

أ‌. الضريبة المطابقة للدخل المهني لشخص خاضع لنظام المساهمة المهنية الموحدة حقق رقم معاملات 1,200,000 درهم في مهنة محدد سعرها في 20 في المائة:
الأرباح المحققة وفق تقديرات مديرية الضرائب 1,200,00 تُضرب في 20 بالمائة تساوي 240 ألف درهم.

الضريبة الواجب أداؤها وفق نظام المساهمة المهنية الموحدة هي 240 ألف درهم تُضرب في 10 بالمائة تساوي 24 ألف درهم.

نفس الشخص كان سيتوجب عليه وفق نظام الربح الجزافي:
DH 22.422 = 30.022 – % 24 × 302.222 = % 32 × 1.322.222

بمعنى أخر فقد استفاد من تخفيض في مبلغ الضريبة 42,200 درهم !! (66 ألف و800 درهم ناقص 24 ألف درهم) رغم أنه حقق أرباحا بلغت 240 ألف درهم !!

ب‌. الضريبة المطابقة للدخل المهني لشخص خاضع لنظام المساهمة المهنية الموحدة حقق رقم معاملات 150 ألف درهم في مهنة محدد سعرها في 20 بالمائة:
الأرباح المحققة وفق تقديرات مديرية الضرائب 150 ألف تُضرب في 20 بالمائة تساوي 30 ألف.

إعلان

الضريبة الواجب أداؤها وفق نظام المساهمة المهنية الموحدة 30 ألف تُضرب في 10 بالمائة تساوي 3 آلاف درهم.

في هذه الحالة الشخص كان معفيا من الضريبة على الدخل وفق نظام الربح الجزافي، نظرا لعدم تجاوز دخله الحد الأدنى، ورغم ذلك يتوجب عليه وفق نظام المساهمة المهنية الموحدة أداء 3 ألاف درهم !!

مع الإشارة إلى أننا نتحدث عن نفس المهنة المحدد سعرها في 20 بالمائة، الفرق فقط في رقم المعاملات، نفس الأمر ينطبق على جميع المهن المذكورة في الجدول الملحق بقانون المالية.

هذا الأمر يؤكد لنا أن نظام المساهمة المهنية الموحدة نظام غير عادل وظالم يعمل على إفقار الفقير وإغناء الغني، وإن من بين أهم ما يتوجب أن تتصف به القوانين هو مراعاة الواقع والعدالة والاجتماعية والمصلحة العامة، والا تتحول إلى وسيلة تحكمية قهرية تسبب في إفقار الفقير وإغناء الغني، لأن في مثل تلك الحالة فإنها لا تلقى قبولا أو ترحيبا بل يتم الالتفاف على أحكامها ويرفضها الملزمون بها ويلفظها المجتمع.

3 – لم يتضمن قانون المالية أي إعفاء من الذين تم إخضاعهم قسرا لنظام المساهمة المهنية الموحدة من واجبات التمبر، علما أنهم كانوا معفيين منها بمقتضى نظام الربح الجزافي، كما عصف هذا النظام الجديد من بجميع المكتسبات السابقة من إعفاء مسك سجلات المحاسبة وليونة في الفواتير، وهي الأمور التي كانت سببا في مجموعة من الاضرابات والاحتجاجات سابقا (المادة 145 مكرر والمادة 145 وغيرها من المواد المجحفة) وهو ما ينذر بموجة قادمة من الاحتجاجات والأشكال النظامية التي قد تكون أكثر شدة من مثيلتها في 2014 و 2019.

4 – إن إلغاء نظام الربح الجزافي الذي كان العمل جاريا به منذ عقود واستحداث نظام المساهمة المهنية الموحدة تحت ذريعة أن إحداث هذه المساهمة تم من أجل ضمان تغطية صحية للملزمين أمر ليس له أي مبرر موضوعي، حيث إن إقرار التغطية الصحية يمكن أن تتم أيضا في إطار النظام الربح الجزافي من خلال الاتفاق على مبلغ المساهمة التكميلية ودون إلغاء النظام الجزافي، والذي أثبت أنه نظام مناسب لطبقة الملزمين الخاضعين له من صغار التجار والحرفيين والمهنيين ويتلائم مع وضعيتهم الاقتصادية الهشة ومستواهم الاجتماعي.

5 – لا يخفى على أحد أن القطاع التجاري والحرفي والمهني عموما وبالخصوص الخاضعين لنظام الربح الجزافي قد تضرروا أشد الضرر جراء قرار السلطات بفرض الحجر الصحي لمدة 3 أشهر في العام الماضي، وما تلاه من إجراءات لا يزال الجميع يعاني منها إلى الأن، ولا يزال أغلبهم يعاني من تراكم الديون وواجبات الكراء المتأخرة وشيكات البنوك بدون رصيد..

وكان جميع المتضررين ينتضرون بفارغ الصبر أن تتم مراعاة وضعيتهم المهنية من خلال تخفيض الضرائب المستحقة عن سنة 2020 نظرا لكونها سنة كارثية بكل المقاييس فإذا بهم يتفاجأون بزايادات صاروخية مرتقبة عصفت بجل أمالهم وأمانيهم.

هذا غيض من فيض ولو تطرقنا بالتفصيل إلى كل الملاحظات والنقاط، لاستلزم الأمر منا أكثر من هذه الصفحات.

ختاما إن الجمعيات المهنية الموقعة أعضاء ومنخرطين بناء على المسؤوليات الملقاة على عاتقها وبناء على حرصها الشديد على مصلحة الوطن تدعو من جهة أولى الحكومة والبرلمان ووزارة المالية ووازرة الصناعة ومديرية الضرائب إلى ضرورة التعجيل بإلغاء نظام المساهمة المهنية الموحدة، او على الأقل جعلها اختيارها والابقاء على نظام الربح الجزافي الذي أثبت على مر العقود أنه الأنسب لفئة صغار الملزمين، وتؤكد من جهة أخرى أن الصمت الشديد للخاضعين للضريبة وفق نظام الربح الجزافي ليس قبولا لنظام المساهمة المهنية الموحدة وأن سكوتهم حاليا ليس علامة الرضى، بل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة، لان الأغلبية الساحقة لم تفهم خطورة الوضع الجديد، ولن يظهر رد فعلها إلا بعد أن تتفاجأ بالزيادات الصاروخية الواجب عليها أداؤها مما قد يتسبب في موجة من الغضب والاضرابات والاحتجاجات والزيادات في الأسعار لتغطية الخسائر، وهو ما سينعكس سلبا على الاستقرار والسلم الاجتماعي، لا قدر الله (حوالي 800 ألف خاضع للضريبة وفق نظام الربح الجزافي، أغلبهم صغار التجار والحرفيين والمهنيين).

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...