في انتظار اللقاح، الملاذ الأخير لمواجهة وباء “كوفيدـ19”.. إسبانيا تفرض المزيد من القيود
حفيظ البقالي (و.م.ع)
تستعد إسبانيا التي عادت في الأيام القليلة الماضية لتسجيل أرقام مقلقة من حيث عدد حالات الإصابة والوفيات بوباء (كوفيدـ19)، لفرض المزيد من القيود المشددة الجديدة لمحاصرة تمدد رقعة الوباء كحل أوحد حتى الآن في انتظار وصول اللقاح، الذي يبقى الملاذ الأخير لمواجهة هذه الموجة المدمرة الثانية من الفيروس.
فإسبانيا التي تجاوزت هذا الأسبوع عتبة الـ 40 ألف حالة وفاة، وما يفوق مليونا و400 ألف حالة إصابة، ما يجعلها إحدى أكثر الدول الأوروبية تضررا بالوباء، تسعى بكل قوة إلى وقف انتشار العدوى من خلال اعتماد كل الوسائل والإمكانيات المتاحة بهدف أساسي يتمثل في تخفيف الضغط الذي بدأت مؤشراته تظهر للعيان على النظام الصحي، وذلك عبر فرض قيود مشددة جديدة أو تمديد أخرى بهدف عكس المنحى التصاعدي للوباء.
وعلى الرغم من أن أحدث البيانات حول تفشي الجائحة تؤكد أن “المنحنى قد استقر”، ما يؤشر على الاتجاه التنازلي لانتقال العدوى، فإن المعدل التراكمي للإصابة في 14 يوما الذي يستقر حتى الآن في حدود 524 حالة إصابة لكل 100 ألف نسمة في أغلب الجهات المستقلة، مع تجاوز هذا السقف في جهات أخرى وكذا ارتفاع عدد المصابين الذين يلجون إلى العلاج (79ر16 في المائة)، ونسبة ملئ وحدات العناية المركزة (78ر31) كلها عوامل تثير قلق السلطات الصحية التي تستشعر في ظل هذا الوضع الوبائي ضغطا متزايدا على مختلف مكونات النظام الصحي، وتبحث بالتالي عن مخرجات لن تكون إلا مزيدا من القيود.
ولقد أضحى تخفيف الضغط على النظام الصحي إحدى الأولويات الأساسية للأشهر المقبلة بالنسبة للمشرفين على تدبير هذه الأزمة الصحية، وذلك حتى تكون خدمات الصحة العامة بكل مكوناتها على حد قول سلفادور إيلا وزير الصحة “جاهزة لبدء مهام التطعيم في نهاية هذه المرحلة”، ولن يتأتى ذلك إلا عبر “الحفاظ على تدابير وقيود صارمة وطويلة الأمد”.
ولعل المقاربة التي اعتمدتها السلطات الإسبانية لتجهيز البلاد لبدء مرحلة التطعيم مع بداية السنة المقبلة هو ما دفع إلى تفعيل تدابير احترازية مشددة جديدة بدأتها الحكومة، أول أمس الأربعاء، بإعلانها فرض إجراء اختبارات الكشف عن الفيروس (بي. سي. إر) على المسافرين الأجانب القادمين إلى إسبانيا من البلدان ذات معدلات الإصابة المرتفعة بوباء (كوفيدـ19) حتى يسمح لهم بالدخول إلى التراب الإسباني.
وسيتم تطبيق هذا الإجراء الذي سيدخل حيز التنفيذ يوم 23 نونبر عند نقاط الدخول إلى التراب الإسباني، أي في المطارات والموانئ والحدود البرية التي لا تخضع حاليا للضوابط والتدابير الاحترازية، كما حدث خلال الموجة الأولى من الوباء “كما تم الإعلان في نفس اليوم عن قرار الحكومة تخفيض الضريبة على القيمة المضافة للأقنعة الواقية الموجهة للبيع للجمهور من 21 إلى 4 في المائة، إلى جانب قرارات أخرى قد تظهر في الأفق حسب تطور الوضع الوبائي.
وبهذه الإجراءات الجديدة، وكذا تلك السارية المفعول منذ إعلان حالة الطوارئ في البلاد قبل ثلاثة أسابيع كحظر التجول الليلي والإغلاق الجزئي أو الكلي للمناطق والأقاليم مع إغلاق بعض الأنشطة الاقتصادية غير الأساسية وحصر حركة تنقل الأشخاص خارج محيط مناطقهم، تكون إسبانيا قد قطعت أشواطا كبيرة في تجهيز البلاد للمرحلة المقبلة المتمثلة في تنزيل استراتيجية التطعيم ضد (كوفيدـ19) التي تم إعدادها قبل أشهر، والتي يتوقع أن تنطلق مع بداية السنة المقبلة.
وتحدد هذه الاستراتيجية التي أشرف على إعدادها فريق يتشكل من علماء وخبراء ومتخصصين وممثلي الهيئات والجمعيات والمؤسسات المهنية والطبية الفئات والمجموعات التي ستستفيد أولا من الجرعات الأولى للقاحات، وكذا التدابير والإجراءات التقنية واللوجستية التي سيتم اعتمادها لإنجاح عملية التطعيم وفق المعايير المعتمدة من طرف الاتحاد الأوروبي.
وحسب وزير الصحة سلفادور إيلا، فإن هذه الاسترتيجية ترتكز على اعتماد سبع لقاحات تلوح في الأفق لشركات أدوية عالمية معروفة كـ (سانوفي وجونسون آند جونسون وأسترازينيكا وفايزر وبيونتيك)، التي وقعت معها المفوضية الأوروبية بالفعل عقود شراء بالإضافة إلى (نوفافاكس وموديرنا) التي قطعت مناقشات عقود شراء لقاحاتها أشواطا متقدمة، إلى جانب (كوريفاك) التي يجري التفاوض معها حاليا.
ورغم هذه الجهود وكذا الآمال التي أطلقها الإعلان عن اكتشاف لقاحات ضد فيروس (كوفيدـ19) ذات فعالية، والتي تبعث كلها على تفاؤل حقيقي بقرب التخلص من هذه الجائحة، فإن سلفادور إيلا يشدد على ضرورة توخي الحذر وعدم التراخي في تطبيق القيود المفروضة في إطار حالة الطوارئ، “لأن الوضع الوبائي في البلاد مقلق للغاية وتصحيحه سيستغرق عدة أشهر”.