كلهم وليداتنا.. مبادرة تربوية تحسيسية من أجل مستقبل أفضل للأطفال

بعد ما شهدناه من جرائم خطيرة في حق الطفل والطفولة، والتي كانت متتالية ومفجعة وشكلت رجة قوية بالنسبة للمجتمع المغربير، فتعالت الأصوات المطالبة بتكثيف الاشتغال من أجل الحد من بعض الظواهر التي باتت تنخر المجتمع المغربي وتودي بحياة صغاره..

حماية الصغار من الحوش البشرية التي باتت تستغل سذاجة الأطفال وبراءتهم لاستدراجهم والعبث بأجسادهم والمتاجرة فيهم.

ذ محمد الطيب بوشيبة، حقوقي ومنسق فرع منظمة ماتقيسش ولدي، كان من بين من أخذوا المبادرة، للاشتغال من موقعه على المساهمة في الحد من هذه الظواهر التي باتت تبث الرعب في نفوس الأطفال و الآباء ، من خلال تقديم سلسلة على الحلقات على اليوتيوب تحمل عنوان “كلهم وليداتنا”، هدفها التربية والتحسيس من أجل مستقبل أفضل لأطفالنا.

كيف جاءت فكرة هذه المبادرة؟
وما هي الخلفية أو السياق الذي ساهم في بلورتها؟

فكرة تقديم سلسلة تعنى بمجال التربية والادماج كانت ترافقني منذ مدة، وما سرع أو ساهم في بلورتها هو سلسلة الأحداث المفجعة التي تم ارتكابها مؤخرا في حق الأطفال و الطفولة ، حسرة رحيلهم و انتهاك حرماتهم دفعتني للتفكير في وسيلة تمكننا من البقاء على تواصل مع هؤلاء الأطفال وأوليائهم… في إطار برنامج دوري توعوي وتحسيسي مستدام، ذلك لأنني في البداية كنت أشتغل في مجال التوعية والتحسيس من خلال بعض وسائل الإعلام التي كانت تستضيفني في إطار برامج تعنى بهذا الشأن، لكن هذ النقاش يكون موسميا ويرتبط بحدث مؤلم او فاجعة ، وهو ما دفعني للبحث عن وسيلة تمكنني من فتح نقاش حول موضوع التربية والإدماج بشكل متواصل ومستدام، تمكنني من الوصول إلى الفئة المستهدفة، وهم الأطفال وأولياء أمورهم الذين نوجه لهم هذا النوع من البرامج.

محمد الطيب بوشيبة – المنسق الجهوي لجمعية “ماتقيش ولدي” بطنجة

فوجدت بأن الوسيلة الأنسب هي وسائل الإعلام البديل، المعروف بوسائل التواصل الاجتماعي، ذلك لأنهم يستعملونها بشكل أكبر ودائم وترافقهم أينما حلوا وارتحلوا . فكرت في إنشاء قناة على اليوتيوب، هي بمثابة منصة هدفها الأساسي والأسمى هو التوعية المستدامة، وتتيح لي العمل في هذا المجال بناء على الخبرة التي راكمتها من خلال الاشتغال لمدة 30 سنة في مجال التربية والتكوين وفي العمل ميداني المرتبط بالطفولة وحقوق الإنسان .لذا، جاء التفكير في هذه التجربة بعد أن قمت باستشارة بعض المقربين الذين ساعدوني في تطبيق الفكرة على أرض الواقع، وقدموا لي ملاحظات مكنتني من تطويرها، ولازلت منفتحا على باقي الآراء التي أتلقاها من المشاهدين والمتتبعين لهذا المولود الجديد الذي اخترنا لهم اسم “كلهم وليداتنا”.

في أي إطار تندرج هذه المبادرة؟ وما هي رؤيتكم في “كلهم وليداتنا”؟

في الواقع مبادرة “كلهم وليداتنا” هي مبادرة فردية، نرمي من خلالها إلى مخاطبة الآباء والأطفال على حد سواء.
بالنسبة للآباء، نحاول رصد مكامن الخلل في “التربية التقليدية”، ومناقشة سبل” التربية المثلى” عبر تسليط الضوء على بعض الظواهر التي قد تخلق مشاكل نفسية خطيرة لدى الأطفال على المستويين المتوسط والبعيد، وكذا ما يتعرض له الأطفال من سوء المعاملة سواء داخل بيوتهم او في وضعياتهم المختلفة او الخاصة ، ونخاطب الأطفال بشكل عام قصد توعيتهم وتحسيسهم بالخاطر المحدقة بهم، او التي قد تعترض سبيلهم في حياتهم الدراسية او الخاصة، وسواء كانوا في وضعية نزاع مع القانون او في مراكز الهذيب او كانو في وضعية إعاقة اوفي وضعية الشارع او كانوا في وضعية هجرة او نزوح، او اي وضعيات أخرى… فكلهم وليداتنا لان الدفاع ان أبناء الآخرين هو في الأصل دفاع عن ابناؤنا، وحماية اطفال الناس هو في الأصل حماية لأطفالنا، فمن واجبنا ان نراقب ونحمي محيطنا ومحيط أطفالنا ؛ لنصبح جديرين بهم ، ولنكون تلك الاقواس التي ينطلقون منها “سهاما حية ” نحو المستقبل… ومن هنا أتت التسمية “كلهم وليداتنا ” اي كل الأطفال ابناؤنا اينها كانوا وكيفما كانوا ، وأن ننتقل على مستوى المنهج، في التعامل مع الأطفال، من مقاربة” الاغاثة” (الانتقاد) إلى مقاربة الحقوق” الإنسانية ” وتمكين” وليداتنا ” من مهارات حل النازعات وتدبير الاختلاف، و الولوج إلى العدالة والانصراف، دون اللجوء إلى مواجهة العنف بالعنف، او تدمير الذات..
و تمكينهم أيضا من تدابير الحماية الداتية ، و توعيتهم بعواقب العنف وآتاره النفسية والاجتماعية سواء كان لفضي او مادي أو جسدي أو كان عنف نفسي او عنف تجاه الذات او كان عنف جنسي او رقمي..وارشادهم الى ولوجيات المؤسسات المسؤولة عن الحماية… و تدريبهم على التعامل مع هكذا مؤسسات قصد توفير إلى الحياة الآمنة لهم ولمحيطهم.

يبقى الهدف المنشود هو الاسهام إلى جانب مؤسسات الحماية الاجتماعية في وضع خارطة طريق بشكل استعجالي رصين لحماية الأطفال مادام ان أقرب طريق لتحقيق التنمية المستدامة هي الاستثمار في الطفولة…

كما أن هذه المبادرة صرخة في وجه الجميع للتنبيه لقضايا الطفولة التي لا تقبل التأجيل فالطفل لا يمكن أن نسميه غدا… الطفل اسمه اليوم.. مادام الوعي بكون حقوق الطفل تسائل ضمير الإنسانية فإن الطفل مستقبلها ولأن حرمان او اهانة طفل واحد يعني فقدان الإنسانية لانسانيتها.

و في الاخير فإن مبادرة برنامج” كلهم وليداتنا ” الهدف الأسمى منها جعل الجميع يؤمن باولوية جعل حقوق الاطفال (كل الأطفال) تحظى بمكانك الصدارة في السياسات الوطنية وتشكل قطب اهتمام المجتمع باسره.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...