من منزلها بمدينة طنجة، تطل الخبيرة المحلفة في لغة الإشارة، فوزية الزاير، على متابعيها من الصم بمواقع التواصل الاجتماعي مرتين في اليوم لتقديم مستجدات الوضع الوبائي بالمغرب، لتجعل هذه الفئة من المجتمع على اطلاع يومي على جديد الأحداث والإجراءات والقرارات ذات الصلة.
حتى في زمن كورونا، لم تتوقف فوزية الزاير، الأستاذة بمركز جمعية التواصل للصم بمدينة طنجة، عن البذل والعطاء والمساهمة في إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء من خلال مبادراتها الفردية أو عبر أنشطتها المتعددة ضمن الجمعية التي تأسست لتشكل جسرا يأخذ بيد الصم من أجل الانخراط في التعليم وفي الحياة العملية وتوسيع نطاق المشتغلين بلغة الإشارة.
مع بداية الجائحة، توضح فوزية الزاير، توصلت بمجموعة من الرسائل حول مستجدات فيروس كورونا وحول الإجراءات المتخذة وكيفية الاستفادة من الدعم المقدم، مبرزة أن الأمر كشف عن مجموعة من الأسئلة التي يتداولها الصم الذين لم يكونوا على اطلاع على ما يدور حولهم خلال هذه الظرفية الاستثنائية.
وأعدت فوزية الزاير كبسولة فيديو بلغة الإشارة حول أهم النصائح الوقائية لتفادي العدوى بفيروس كورونا المستجد، حثت فيه هذه الفئة من المجتمع على ضرورة الإكثار من النظافة وغسل اليدين بشكل منتظم وتفادي التجمعات واحترام مسافة الأمان وتجنب المصافحة والمكوث بالمنازل وعدم الخروج إلا للضرورة.
لكن تجربة الموعد اليومي مع مجتمع الصم، انطلقت بتصوير كبسولة فيديو لشرح كيفية الاستفادة من دعم الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا، قبل تطويرها لتصبح بمثابة نشرة حول مستجدات الوضع الوبائي تبث مرتين في اليوم، يتم خلالها تقديم الحصيلة الصباحية وترجمة فحوى اللقاء اليومي لمدير مديرية الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة محمد اليوبي.
وأضافت أنه في الوقت الذي يتابع فيه جميع المغاربة المستجدات المتعلقة بفيروس كورونا، وجد الصم أنفسهم في معزل عن ما يجري ويدور في المغرب، غير متمتعين من حقهم في المعلومة، خاصة في ظل افتقار القنوات التلفزيونية لمترجمي لغة الإشارة، موضحة أنه “أمام هذا الوضع قامت جمعية التواصل بمساعدة هذه الفئة من المجتمع عبر سلسلة من الأنشطة كتسجيل كبسولات توعوية لفائدة الأطفال الصم، وكذلك مواصلة التعليم عن بعد لفائدتهم وتسجيل دروس بلغة الإشارة”.
إلى جانب تقديم تطورات الوضع الوبائي، ظلت جمعية التواصل للصم وفية لاسمها في استمرارية التعليم عن بعد لفائدة العشرات من التلاميذ خلال فترة الحجر الصحي، بفضل فوزية وعدد من زميلاتها تم تسجيل العشرات من الدروس في مختلف المواد وبثها على صفحة الجمعية بموقع “فيسبوك” ضمانا لحق المتمدرسين في التعلم خلال هذه الظرفية الخاصة.
ويعتبر تعليم الصم من الأهداف الرئيسية للجمعية المتخصصة في تربية وتعليم وتأهيل الصم، من أجل إدماجهم بشكل فعال وايجابي في المحيط الاجتماعي، وفق رؤية تنتصر للريادة في تعليم وتأهيل وإدماج الصم في المغرب، وتحمل رسالة تحقيق كرامة الصم عبر التربية والتعليم وتأهيل نظامي للمشاركة والاندماج الإيجابي في المجتمع، دفاعا عن حقوقهم الإنسانية والدستورية وإشراك كل مكونات المجتمع والدولة في الاهتمام بقضايا الصم.
وسواء من خلال كبسولات فوزية الزاير أو أنشطة جمعية التواصل للصم، التي تتوفر على فريق تربوي وإداري فعال في مجال التعليم والتكوين والإدماج، تبقى الغاية من كل هذه المبادرات تمكين الأطفال الصم من الحق في التعليم، والاندماج الاجتماعي والاقتصادي، والدفاع عن حقوق الصم، وتوعية وإشراك الأسرة والمجتمع في قضاياهم، وتنمية مهاراتهم التواصلية والفنية والرياضية، وتحسين الظروف الاجتماعية.
لهذه الغاية، أسست الجمعية مركز صنوان لتلبية هذه الحاجة الماسة لتعليم الصم بمدينة طنجة وضواحيها، نظرا للغياب التام لمدارس محلية خاصة بالصم، حيث يقوم المركز بتقديم خدمات التربية والتعليم للأطفال الصم بلغة الإشارة، بالاعتماد على تكييف مقررات المدرسية لوزارة التربية الوطنية مع خصوصيات هذه الشريحة من المتمدرسين، وهي الخدمة التي لم تتوقف حتى خلال حالة الطوارئ الصحية عبر حصص التعليم عن بعد.
ولتوسيع نطاق هذا النوع من الخدمات، تشرف فوزية الزاير ورفيقاتها بالجمعة، على دورات تكوينية عن بعد لفائدة مدرسي المدارس العمومية وبعض الأشخاص العاديين حول لغة الإشارة، وهو ما يفتح إمكانية توسيع نطاق التعليم بلغة الإشارة في السنوات المقبلة.
وخلصت فوزية الزاير إلى دعوة السلطات إلى إدماج هذه الفئة من المجتمع من خلال خلق آليات التواصل بلغة الإشارة خلال النشرات الإخبارية والبرامج الحوارية المهمة، خاصة خلال جائحة كورونا، فمجتمع الصم لا ينبغي أن يبقى على هامش هذا المد التضامني في هذه الظرفية الاستثنائية التي تتطلب الكثير من التواصل والشرح في انتظار تجاوز الجائحة.