النهري: طريقة الحكومة في استصدار مشروع قانون 20|22 تؤكد على نفس السلوكيات المعتادة في تمرير بعض القوانين

ما زال مشروع أو مسودة قانون 22/20 المسرب، والذي بات معروفا بقانون تكميم الأفواه، يثير الجدل ويطرح تساؤلات حول المشهد السياسي بالمغرب ومساره المتناقض زمن الطوارئ الصحية.

ويقول حميد النهري، أستاذ ورئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق جامعة عبد المالك السعدي بطنجة، أن الطريقة التي تريد بها الحكومة استصدار مشروع قانون 20|22 لتؤكد على نفس السلوكيات المعتادة التي تنهجها الحكومة في تمرير بعض القوانين خصوصا تلك التي تكون على المقاس ومعروف لصالح من.

ويؤكد النهري أم قانون 20|22 الحكومة مرة اخرى تفقد البوصلة في تدبير السياسات العمومية وتأبى إلا أن تتشبت بسلوكياتها الشاردة التي تزيد المشهد السياسي رداءة.
للاسف افتقاد الحكومة لبُعد النظر جعلها تسرق وبدون مقدمات نشوة المكتسبات الايجابية التي كسبها الشعب المغربي من خلال صموده في مواجهة الوباء اللعين كورونا.

هذا الصمود الذي اشادت به وسائل الإعلام الوطنية والدولية وقدمته كانجاز كبير للمغاربة في مواجهة انتشار الداء، في المقابل نجد الحكومة بهذا المشروع تقدم هدية مسمومة وتصدم المواطنين الذين لا زالوا لم يستوعبوا خسائرهم المادية والبشرية جراء الحجر الصحي.

إعلان

تم اعداد النص من طرف وزير العدل فلماذا تحفظ من تحمل المسؤولية فيه وتحفظ عليه الوزراء الآخرون بل وحتى رئيس الحكومة؛ اين هي المسؤولية التضامنية اذن؟

عند تقديم مشاريع القوانين نتكلم دائما على الحكومة، اما بالنسبة لهذه التجادبات التي نسجلها نتيجة تسريب معلومات عن هذا القانون وتصريحات بعض اعضاء الحكومة والتصريحات المضادة من طرف اعضاء آخرين ليست جديدة فقد اعتدنا من الحكومة مثل هذه الممارسات، وكاننا امام حكومات مختلفة وليس حكومة واحدة بل ان الصورة مع مشروع قانون 22|20 تعتبر اكثر كاريكاتورية.
قانون صادقت عليه الحكومة خلسة وتم تسريبه خلسة من طرف حكومة الفريق الأول لتصفية الحسابات مع حكومة الفريق الثاني الذي يعمل ضدا على حكومة الفريق الثالث والذي بدوره يتفاوض مع حكومة الفريق الرابع …. وهكذا.
والهدف هو الوصول الى المكاسب الانتخابية وكأننا في حملة انتخابية مفتوحة منذ 2012، بل تبرز من خلال هذه الممارسات مسالة انعدام المسؤولية السياسية لدى بعض الوزراء الذين لا يهمهم سوى خدمة انجداتهم الخاصة.
وهنا في الحقيقة لا بد من الإشارة الى مرحلة رئيس الحكومة السابق بنكيران والجدل والنقاش الذي كان اثير بخصوص المادة 30 من مشروع قانون المالية لسنة 2016.
وبالخصوص عندما كانت قد تسربت معلومات بشأن مقتضيات هذه المادة ايضا خلال انعقاد مجلس الحكومة والتي تنص على أن يكون الوزير المكلف بالفلاحة هو الآمر بالصرف لصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية كما يمكن له أن يعين الولاة والعمال، وكذا رؤساء المصالح الخارجية التابعين للوزارات المعنية، كآمرين مساعدين بالصرف .
هذا مع العلم أن رئيس الحكومة كان دائما قبل هذا القانون هو الآمر بالصرف لهذا الحساب.
وعندما سئل بنكيران أنكر في الاول معرفته بذلك مع ان خلاف كبير نشأ بينه وبين اخنوش وزير الفلاحة ثم عاد في تصريح آخر ذهب فيه إلى حد الاعتراف بأن وزير المالية محمد بوسعيد، وفوزي لقجع مدير الميزانية، قد “دبرا له مقلبا “.
لتفويت صلاحيات الآمر بالصرف في صندوق تنمية العالم القروي لصالح أخنوش وسحب البساط من تحت أقدامه.
الشيء الذي جعل وزير المالية انذاك بوسعيد يخرج بتصريح يؤكد من خلاله على أن “جميع مقتضيات قانون المالية مرت بعلم رئيس الحكومة، وتحت إشرافه”
إذن نحن اليوم أمام نفس السيناريو تضارب في التصريحات بين بعض اعضاء الحكومة تظهر من خلاله انعدام المسؤولية السياسية والأخلاقية المطلوبة في هذا المستوى.

كيف تقرا في هذا السياق ورود مصطلحات مثل ” تسريب “و” مسودة ” اليس ذلك تم بشكل متعمد ومقصود لجس نبض الراي العام ؟
السياق العام معروف ظروف صعبة يعيشها المجتمع نتيجة جائحة كورونا عوض استغلالها بشكل إيجابي نجد الحكومة تتعامل بسلبية وتريد أن تمرر قانونا مفصلا لصالح لوبيات جميع المغاربة ينددون بانشطتهم بل أصبح ابتزازهم للدولة معروفا، وإختيار هذا التوقيت للتجاوب مع ضغط اللوبيات يعتبر مغامرة لا تحتاج لاختبار رد فعل المواطن.

ما هي الجهات المستفيدة من هذا النص؟
العديد من الجهات كل من منظوره لكن المغاربة يعلمون جيدا ماهي الجهة الأكثر استفادة من هذا القانون، هي اقتصاد الريع، والذي يختلط فيه السياسي بالاقتصادي وتتداخل فيه المصالح، الشئ الذي يجعل من الاقتصاد المغربي في الواقع هو اقتصاد ريع يعتمد ليبرالية ذات خاصية مغربية مفرغة من محتواها ليبرالية تغيب فيها المنافسة ومنطق السوق وتجعل القطاع الخاص يعتمد فيها على الدولة بل وتُسَخر السياسات العمومية لحمايته وتكديس أرباحه، كما ان بعض هؤلاء الفاعلين من القطاع الخاص يمثلون الترابط والتشابك بين الاقتصادي والسياسي ويعتبرون فاعلين من درجة عليا ليس كبقية الفاعلين في النشاط الاقتصادي.

هل يبقى النص قابلا للتراجع وكيف؟
اسمح لي ان اشير الى أن العبارة الأصح التي يجب استعمالها هي عبارة ضرورة التراجع وسحب هذا القانون واعتباره كان لم يكن، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته وضرورة وقف هذا العبث، والاستفادة من دروس جائحة كورونا باعتماد مقاربة اجتماعية.
صحيح ان هناك مطالب بتجويد مضامين شبكات التواصل الاجتماعي والشبكات المماثلة، ومحاربة استعمالها في نشر الأخبار الزائفة وافتعال الوقائع والسب والقذف وتصفية الحسابات.
لكن هذا لا يسمح للحكومة بالتضحية بمبدأ حرية التعبير والتضييق عليها، فهذا المشروع قانون سيعود بنا إلى زمن كنا نظن اننا قطعنا اشواطا في تجاوزه، لذلك فهو مرفوض على جميع المستويات.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...