ذكرى المسيرة الخضراء.. استحضار الأمجاد واستنهاض الهمم سعيا إلى إعلاء صروح المغرب الحديث
يخلد الشعب المغربي، بعد غد الأربعاء، الذكرى الـ 44 لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، هذه الذكرى التي تعد مناسبة لاستحضار الأمجاد واستنهاض الهمم من أجل إعلاء صروح المغرب الحديث.
وتشكل ذكرى المسيرة الخضراء، حدثا عظيما ونوعيا جسد أروع صور التلاحم بين العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الأبي، من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة.
وأظهر إعلان جلالة المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني يوم 5 نونبر 1975 عن تنظيم المسيرة الخضراء المظفرة، حرص جلالته على تجنيب المغرب والمنطقة حربا مدمرة وخطوة لتحرير الأقاليم الجنوبية من قبضة المستعمر الفرنسي.
وخاطب صانع هذه الملحمة، الملك الراحل الحسن الثاني، المغاربة قائلا “غدا إن شاء الله ستخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة الخضراء، غدا إن شاء الله ستطأون أرضا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون أرضا من وطنكم العزيز”.
وتأتي هذه الذكرى المجيدة لتذكير جيل المستقبل بأكبر تجمع شعبي سلمي بمشاركة أزيد من 350 ألف متطوع من كافة أنحاء المملكة، مسلحين بالإيمان والعلم الوطني على تراب هذه الأرض التي كانت دائما جزءا لا يتجزأ من الوطن الحبيب.
ويشهد هذا الحدث الفريد من نوعه، الذي دون بأحرف من ذهب في تاريخ المغرب، على إرادة أمة بأكملها لبدء مسيرتها نحو تنمية شاملة ومستدامة، ومدى تشبث المغاربة بكل فئاتهم وشرائحهم بمغربية الصحراء وبالعرش العلوي المجيد، ومدى التلاحم وأسمى درجات الإخلاص للوطن.
والأكيد أن ذكرى المسيرة السلمية تدعو وتستحث القوى الحية وسائر الأطياف السياسية والنقابية والحقوقية والشبابية والنسائية إلى تقوية الجبهة الداخلية الوطنية، وتعزيز التوجهات والاختيارات التنموية التي تستجيب لانتظارات وتطلعات سائر فئات وشرائح المجتمع المغربي إلى تحقيق أسباب رغد العيش والتقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي في وطن ينعم فيه أبناؤه بالعزة والكرامة والرخاء والاستقرار.
وكان من ثمار هذه الدينامية التنموية التي جعلت من الأقاليم الجنوبية للمملكة ورشا مفتوحا للإنجازات النهضوية المفتوحة أن أصبحت هذه الربوع تسجل أدنى معدلات للفقر على المستوى الوطني وأدنى مستوى للتفاوتات الاجتماعية، وأفضل النتائج في مجال الإنجازات الاجتماعية والخدمات الصحية والسكن، وأعلى نسب نمو الناتج الداخلي الخام وأفضل أداء لسوق الشغل، ما عزز بشكل مطرد من جاذبيتها الاقتصادية.
كما أن لهذه المسيرة الوقع الجيد على الأقاليم الجنوبية بعد استرجاعها، حيث أضحت هذه الأقاليم تشكل نموذجا للتنمية المستدامة والشاملة في كافة المجالات، وهي تنمية عززها ورش الجهوية المتقدمة الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ومكن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية من تعزيز الزخم الذي شهدته هذه الأقاليم منذ استرجاعها في كافة المجالات، وتعزيز إشعاعها كقطب اقتصادي وطني وصلة وصل بين المملكة وعمقها الإفريقي.
وبذلك، باتت الأقاليم الجنوبية تستجمع كافة المتطلبات الكفيلة بتجسيد نظام الجهوية التي يريدها صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن تكون نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية، في أفق جعل الأقاليم الجنوبية نموذجا للجهوية المتقدمة، بما يعزز تدبيرها الديمقراطي لشؤونها المحلية، ويؤهلها لممارسة صلاحيات أوسع.