الدكتور الأمين الوهابي: لماذا صار الأطباء محط سخرية مجانية وملاذا لأبشع النعوت وأرذل الصفات؟

الدكتور الأمين الوهابي - رئيس الهيئة الجهوية للطبيبات والأطباء بجهة طنجة تطوان الحسيمة

لماذا كل هذا التضخيم الإعلامي والإسراع في إصدار الأحكام القبلية المسبقة عبر محاكمات شعبية غير عادلة كلما تعلق الأمر بالحديث عن الطب والأطباء ؟
وأية خبطة صحافية هاته التي لا يمكن أن توجد إلا في مخيلة صانعيها ؟

لماذا صار الأطباء محط سخرية مجانية وملاذا لأبشع النعوت وأرذل الصفات… لماذا كل هذا التشكيك المجاني في وطنيتنا و كفاءاتنا ومصداقيتنا …

لماذا أصبحنا حديثا رخيصا لكل من هب وذب… يقزمون إرادتنا ويستصغرون دورنا الطلائعي في تحقيق التنمية ويجردوننا من كل صفات الرحمة والشهامة والمروءة…

فلم كل هذا الحقد والعداء و التحريض على الكره المجاني والتحامل على شريحة من خيرة أبناء الوطن، ذنبهم الوحيد هو اختيار مهنة علاج آلام إخوانهم متحلين بالصبر ونكران الذات ؟

لا يسعنا والحال هذه إلا أن نتساءل هل للطبيب الحق في أن يكون إنسانا عاديا بإكراهاته و طموحاته وهفواته ؟

وإلى أي حد يمكننا التغاضي عن الأخذ بعين الاعتبار لكل العوامل الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية والفنية التي يمكن أن تؤثر في العملية العلاجية و تحد من سبل نجاحها وتحول دون صنع المعجزات… ؟

أقول لكل الزميلات والزملاء، كفانا بكاءا خلف الأطلال ولنلمس الجرح من منبعه ولنواجه بكل موضوعية وحكمة كل ما هو شاذ وغير مقبول…

لقد آن الأوان أن ننفض عنا غبار حيادنا السلبي ونواجه هذا الظلم الاجتماعي المنحاز وندافع عن سمعتنا وحقنا في العيش الكريم والاعتراف بالجميل…

لنتحمل جميعا مسؤوليتنا و لنواجه بكل جرأة كل التصرفات اللاأخلاقية واللامسؤولة وكل أشكال الانزلاقات بما فيها التجريح والتشهير والقدح في حق نخبة من أبناء الوطن اختاروا أنبل المهن للمساهمة في التنمية الصحية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وخدمة الصالح العام…

ولنلتئم جميعا لأجل رد الاعتبار والتحلي بأصول اللباقة وحسن التعامل مع الآخر واحترام حرية الرأي وتقديس القيم الإنسانية النبيلة…

وأقول للذين يحملوننا كل العيوب وكل الآفات الصحية، أننا لسنا بكل هذا السوء الذي تروجون له…وأن كل أفراد المجتمع مطالبون بالتحلي بالإنسانية والرحمة والتضحية ومراجعة النفس والتحلي بروح النقد الذاتي… وأن الأمر لا ينحصر على الأطباء فقط… فكل المهن والشرائح المجتمعية في كل دول العالم تعرف أشكالا متفاوتة من هذه الممارسات البعيدة عن العمق الإنساني والأخلاقي…

وأقول كذلك أن الطبيب المغربي ليس هو أكبر الموظفين أجرا كما هو الحال في الدول التي تقدر العلم وتعترف بالمجهود وترد الجميل…

وأنه لا يمكننا أبدا الاستغناء عن الأطباء وتعويضهم بمحركات البحث الرقمية كما يخال للبعض…

و أن بعض المحسوبين على الإعلام بقدر ما يضربون سمعة الأطباء فإنهم يساهمون بشكل أو بآخر في تغليط الرأي العام وتحريف إن لم نقل تشويه الثقافة الصحية…

وأخيرا فهذه ليست دعوة إلى عدم مسائلة الأطباء بقدر ما هي محاولة لوضع العلاقة الإنسانية والأخلاقية بين الأطباء و مرضاهم وترتيب المسؤوليات في الإطار الطبيعي الصحيح مع ضمان حقوق وواجبات الطرفين من أجل الرفع من المستوى الصحي للمواطن المغربي…

وخلاصة القول أنه لا يمكننا في كل حال من الأحوال أن نبرر هذه التصرفات العدوانية وهذا النيل من سمعة وشرف الطبيبات والأطباء وهذا المس بقدسية المهنة وهذا العنف والكره والحقد… وخصوصا من خلال منابر وقنوات عمومية…

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...