جريمة البرانص.. لا شيء غيرها

كعادتنا في التعامل الموسمي مع الأشياء، لوحظ مؤخرا تزايد الطلب على الشبابيك والنوافذ الحديدية التي توفر أمانا أكثر للبيوت، والسبب طبعا جريمة حي البرانص التي ما تركت بيتا إلا ونشرت خلاله ذبذبات الخوف والقشعريرة، ومن الصعب أن ينكر أحد هذا.
كعادتنا في التعامل الموسمي مع الأشياء، لوحظ مؤخرا تزايد الطلب على الشبابيك والنوافذ الحديدية التي توفر أمانا أكثر للبيوت،

والسبب طبعا جريمة حي البرانص التي ما تركت بيتا إلا ونشرت خلاله ذبذبات الخوف والقشعريرة، ومن الصعب أن ينكر أحد هذا.

طبعا ستمر الأيام وستخف حدة هذا الخوف، وبالتالي ستنخفض درجات الحذر مجددا إلى ما تحت الصفر لدى الأسر الطنجاوية، وستعود حليمة لعادتها ونجد أنفسنا أكثر من مرة أمام بيوت مشرعة بشكل كلي، ونوافذ أرضية مفتوحة تظهر من خلالها كل ممتلكات البيت، وكأنها دعوة مباشرة: تفضلوا لتسرقوا ولن يمنعكم أحد.

طبعا نتفهم أن هذا طبع يصعب أن نتغلب عليه بالتطبع. لقد تربينا على الثقة التامة بين أبناء الحي، وكل البيوت مفتوحة في وجوه الجميع، وإن كان هذا الكرم الحاتمي وهذه الأريحية قد قلت مؤخرا بشكل كبير.. لكن.. كايمشي الزين وكايبقاو الحريفات.

لهذا، نرجو ألا يكون الأمر موسميا، خصوصا مع تصاعد الخط البياني لمعدل الجرائم البشعة للأسف. نريد أن يكون الحذر هو السمة الغالبة دائما خصوصا أن الأحياء لم تعد كما كانت من قبل، ولم يعد رعاع الحي كما كانوا في السابق.. يفعلونها في الخارج ويعودون للحي مطأطئي الرؤوس ليقبلوا يدي والدي ووالدك.

في هذا الزمن الرديء، يسرق المجرمون منازل آبائهم وإخوانهم وليس مجرد منازل الجيران، والسبب تعلمونه جميعا وهو الغبرة وعائلتها الكريمة.. الله يعافينا ويعافيكوم.

لهذا، فشعار المرحلة القادمة ينبغي أن يكون هو : “سوء الظن من الحزم”. لا تجعلوا الثقة هي الأساس، بل الشك. وهذا مبدأ أمني قلما يفشل. إذا لم ينفع، فهو لن يضر… ما يحيي ما يقتل.

نتذكر هنا، على سبيل المثال، حادثة سير طنجة البالية. عندما بدأ السائقون بعدها يحترمون قانون السير ويسيرون بالسرعة القانونية، قبل أن يطوي النسيان كل شيء ويتذكروا من جديد أن هناك دواسة بنزين ينبغي الضغط عليها حتى تئن، وأن الرالي لازال مستمرا ولم ينتهي بعد للأسف.

هناك طرف في هذه القضية قلما ينتبه إليه أحد، وهو الأمن. لقد استطاعت الشرطة في طنجة أن تمسك بالقاتل في أيام معدودة، الشيء الذي أعاد التوازن النفسي لعدد من الأسر بشكل كبير، وشعرت كثير من البيوت معه بالراحة. ولن يعرف معنى هذا سوى من قام أبناؤه بمغادرة البيت بحي البرانص بعد الحادثة وذهبوا للمبيت عند جدتهم!! وهي قصة حدثت فعلا.

وحتى بالنسبة للأسرة المكلومة، فالقبض على القاتل كان بردا وسلاما، ففي القصاص حياة لأولي الألباب.

أما كيف سيكون هذا القصاص فالأمر عائد إلى القضاء.. وهو يعرف عمله أكثر منا.

حتى في أمريكا، المتقدمة أمنيا وعلميا، يقضون شهورا من أجل القبض على قاتل متسلسل، وهو القاتل الذي يعمل بشكل دائم ويقتل فئة معينة من الناس. رغم أن تكرر الجرائم قد يكون عاملا مساعدا على ضبط القاتل، لكنهم فعلا يمضون وقتا طويلا قبل أن يتمكنوا منه.

أما لدينا، ورغم أن القاتل لا سوابق له، ورغم أنه أخفى معالم جريمته بشكل خبيث جدا، ورغم أنه ارتكب أول جريمة له.. فقد تمكن الأمن من ضبطه في وقت قياسي، خصوصا الشرطة العلمية التي كشفت عن الحمض النووي للمجرم من خلال فصيلة دمه.

لابد أن نفتح عيوننا جيدا لندرك هذا ونتوجه بالشكر اللازم لرجال الأمن الذين تضيع جهودهم وسط كل الصخب والضجيج، فلا يلتفت إليها أحد.. الله يرحم الوالدين.

بالنسبة لأسر الضحايا، والذين يصطلح عليهم بضحايا ما بعد الجريمة، نرجو أن تكون هناك متابعة نفسية جادة وجيدة لحالاتهم، فما مر بهم يشيب له الجنين في بطن أمه. وعودة الاستقرار النفسي لهم يتطلب مجهودا مسؤولا ومستمرا.

نسأل الله أن يتغمد الفقيدات بكل رحمته، وأن يرزق أهلهن الصبر والسلوان، إنه سميع قريب مجيب الدعوات. آمــــــين.

عبد الواحد استيتو
stitou1977@yahoo.com

http://stitooo.blogspot.com

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...