ارتفاع حدة التوتر بين لندن ومدريد حول السيادة على المياه المحيطة بجبل طارق

تتجه العلاقات السياسية بين مدريد ولندن نحو التصعيد مع الاحتجاجات المتبادلة منذ الصيف الماضي بين الطرفين بشأن السيادة على المياه المحيطة بجبل طارق.

فاطمة رفوق -و م ع
تتجه العلاقات السياسية بين مدريد ولندن نحو التصعيد مع الاحتجاجات المتبادلة منذ الصيف الماضي بين الطرفين بشأن السيادة على المياه المحيطة بجبل طارق.

فبعد الشرارة التي تسببت فيها الكتل الخرسانية الضخمة التي وضعتها حكومة جبل طارق ل”حماية البيئة البحرية ” في المياه القريبة من المستعمرة البريطانية التي كان يزاول فيها صيادو خليج الجزيرة الخضراء نشاطهم، وبعد اعتماد إسبانيا إجراءات مراقبة مشددة على الحدود والحوادث المتكررة في المياه التي يعتبرها كل طرف خاضعة لسيادته، عاد التوتر ليتأجج من جديد بعد استدعاء المملكة المتحدة أمس الأربعاء سفير مدريد في لندن، فيديريكو تريو ، للتعبير له عن “قلقها البالغ” إزاء التوغلات الإسبانية المتواصلة في المياه المحيطة بالصخرة.

ووفقا لما ذكرته يومية “جبرالطار كرونيكل” فإن الحكومة البريطانية بادرت إلى استدعاء السفير الإسباني للاحتجاج على عمليات التوغل التي تقوم بها سفن عسكرية ودوريات للحرس المدني الإسباني في المياه البريطانية التي تصر إسبانيا على أنها تخضع لسيادتها ولا تعترف بتبعيتها للمملكة المتحدة.

وقالت الصحيفة إن دورية عسكرية وأخرى تابعة للحرس المدني الاسباني رافقتا سفينة “أنخيلس ألبارينو” التابعة للمعهد الإسباني لعلوم المحيطات، وذلك في المياه التابعة للصخرة.

وأوضحت أن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كامرون، حث الحكومة الإسبانية ، من خلال المتحدث الرسمي، على “العدول”عن هذه الممارسات ، مخبرا إياها أن المملكة المتحدة متشبثة ب”موقفها الواضح والثابت “بشأن السيادة على الصخرة.

وقال المتحدث باسم كاميرون في رده عن سؤال يتعلق بما إذا كان كاميرون سيتصل مباشرة بنظيره الإسباني، ماريانو راخوي، إن “لندن ستواصل التعبير عن وجهات نظرها إلى الحكومة الإسبانية، وسنحافظ على موقفنا الواضح من هذه المسألة، وهو ما حدث اليوم (2 أبريل) عندما استدعي السفير الإسباني المعتمد في لندن من قبل الخارجية البريطانية”.

“لقد عبرنا عن انشغالاتنا بشكل واضح جدا للحكومة الإسبانية وسنواصل القيام بذلك كلما لزم الأمر”، يضيف المتحدث الرسمي البريطاني، وقال “نحن نحث السلطات الإسبانية على الكف عن جبل طارق”.

كما وصف ديفيد ليدنجتون، الوزير المساعد المكلف بأوروبا في وزارة الخارجية البريطانية، التوغلات الإسبانية المتتالية في مياه جبل طارق ب”انتهاك للسيادة البريطانية”، وقال “إني أدين بشدة هذا التوغل الاستفزازي و أحث الحكومة الإسبانية على ضمان عدم تكراره “.

واتهم ليدنجتون في البيان الذي أعقب مقابلته للسفير الإسباني بمقر وزارة الخارجية، الحرس المدني الاسباني بالقيام “بمناورات خطيرة” ، مؤكدا أن الحكومة البريطانية “سوف تستمر في اتخاذ أي إجراء تراه ضروريا للدفاع عن السيادة البريطانية ومصالح جبل طارق وشعبه وأمنه واقتصاده “.

وأضاف أنه بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، تعتبر المياه المحيطة بالصخرة “مياها إقليمية بريطانية بلا منازع، خاضعة لسيادة المملكة المتحدة التي لديها الحق دون غيرها في ممارسة الولاية القضائية “.

وتجدر الإشارة إلى أنها المرة الرابعة التي يستدعى فيها السفير الإسباني من قبل وزارة الخارجية البريطانية منذ توليه منصبه في عام 2012. وكانت فحوى هذه الاستدعاءات، حسب الملاحظين المتابعين للصراع بين الطرفين، ينصب دوما على موضوع جبل طارق.

ومن جهتها ذكرت وسائل إعلام محلية في منطقة جبل طارق نقلا عن المتحدث باسم وزير الخارجية الإسبانية، مانويل غارسيا مارغايو، أن فيديريكو تريو أخبر المديرة العامة للشؤون الاقتصادية والقنصلية بوزارة الخارجية البريطانية، باربرا وودوارد، بأن ” ما تصفه المملكة المتحدة بتوغلات السفن الإسبانية في مياهها، ما هو إلا أنشطة روتينية لسفن إسبانية في المياه الإسبانية”.

ويذكر أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإسبانية قامت بدورها باستدعاء السفير البريطاني في مدريد، سيمون مانلي، تشكو له محاولة السفن البريطانية يوم فاتح أبريل “عرقلة ” مهمة الأبحاث وحماية البيئة التي كانت تقوم بها في المياه الإسبانية” سفينة “أنخيلس ألبارينو” التابعة للمعهد الإسباني لعلوم المحيطات “.

وقال متحدث باسم الخارجية الإسبانية، “أنه تم إبلاغ السفير البريطاني باحتجاج شفهي ضد التصرفات العديدة التي تقوم بها السفن التابعة للبحرية الملكية والشرطة في جبل طارق لعرقلة نشاط السفن الإسبانية”، مضيفا أن موقف إسبانيا من الفضاء الذي تنازلت عنه للتاج البريطاني بموجب معاهدة أوترخت لعام 1713 “لم يتغير” منذ ذلك التاريخ.

وأوضحت ذات المصادر أنه بموجب هذه المعاهدة، تنازلت إسبانيا عن المدينة وقلعة جبل طارق وعن الميناء والدفاع والقوات الأمنية، لكنها لم تتنازل عن المياه المتاخمة لهذه القلعة؛ مشيرة إلى أن إسبانيا لا تعترف لجبل طارق بمزيد من المياه غير تلك الواقعة داخل الميناء، لكن على الرغم من ذلك، “فإن لندن تطالب بمساحة تصل إلى ثلاثة أميال بحرية وتؤكد أن الأمر يتم بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للبحار الموافقة على 12 ميلا بحريا”.

وكانت حكومة المملكة المتحدة أعلنت في وقت سابق على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، أنها ستقدم “احتجاجا رسميا” وعلى “أعلى مستوى” لإسبانيا بعد حادث قطع سفينة عسكرية إسبانية في 18 فبراير الماضي لتداريب عسكرية كانت تقوم بها وحدات من قوات المظلية البحرية البريطانية في مياه جبل طارق. وذكرت صحيفتا “جبرالطار كرونيكل” (بجبل طارق) و”الغوارديان” (ببريطانيا) أن سفينة “بيجيا” التابعة لهيئة الدفاع الإسبانية اقتحمت منطقة هبوط المظليين الذين كانوا بصدد التدريب على القفز في المياه القريبة من جبل طارق، متسببة بذلك في “إيقاف تداريبهم “.

وقد سبق لوسائل إعلام بجبل طارق أن أكدت بأن عمليات التوغل الإسبانية في مياه الصخرة المتنازع حولها “غير قانونية وبلغت مستوى قياسيا”، مشيرة إلى تسجيل 446″عملية توغل” خلال عام 2013 للسفن الإسبانية في مياه جبل طارق، وهو ما يمثل حسب ذكرت ضعف العدد المسجل في عام 2012.

وأشارت إلى أن الجنرال الراحل فرانكو ” كان يفرض الحصار على جبل طارق، لكنه لم يحسب عليه أبدا القيام بتوغلات في المياه الإقليمية للصخرة”، مضيفة أن تكرار هذه الحوادث يؤدي إلى تفاقم التوتر في العلاقات بين جبل طارق وإسبانيا” وأن “لعبة القط والفأر زادت من مخاوف وقوع حادث خطير بين الطرفين” المتنازعين.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...