هدوء غير معتاد يطبع الدخول السياسي في طنجة.. توافق أم مجرد هدوء يسبق العاصفة؟
بداية هذا الدخول السياسي في طنجة بدت مختلفة عن سابقاتها. فلا صخب، ولا تصريحات متبادلة، ولا تسريبات نارية كما اعتاد المتتبعون في السنوات الماضية. بل هدوء غامض يثير أكثر من سؤال: هل هو توافق حقيقي داخل الأغلبية المسيرة لمجلس المدينة، أم مجرد استراحة محاربين قبل جولة جديدة من الصراع؟
السؤال مشروع، لأن الجميع يعرف أن مكتب جماعة طنجة لم يكن يوماً على قلب رجل واحد. فمنذ اللحظة الأولى لتشكيله، تسللت الخلافات إلى صفوف الأغلبية، ووجد العمدة منير ليموري نفسه وسط عاصفة من التباينات والمواقف المتناقضة. لم ينجح إلا نادراً في جمع مكتبه كاملاً، وكان الغياب السمة الغالبة على اجتماعاته.
لكن المشهد تغيّر مؤخراً. ففي الاجتماع الأخير، التأم المكتب مكتمل الصفوف، في خطوة نادرة جذبت الأنظار نحو قاعة المجلس. الحضور كان شاملاً، والابتسامات حضرت بدورها، فيما تصدّر خطاب الدعوة إلى طي صفحة الماضي المشهد. غير أن هذا الانسجام المفاجئ يطرح بدوره علامات استفهام أخرى: هل يتعلق الأمر بصفقة سياسية نُسجت في الكواليس؟ أم أن اقتراب دورة أكتوبر بملفاتها الثقيلة هو ما فرض هذا التقارب المؤقت؟
خارج أسوار الجماعة، تبدو الصورة أقل تفاؤلاً. فطنجة عاشت صيفاً مثقلاً بالهموم: غلاء الأسعار أنهك الأسر، الأزبال تكدست في الأحياء، النقل الحضري كشف عن عجز كبير، والاختناق المروري حوّل شوارع المدينة إلى متاهات خانقة. كلها ملفات تنتظر من الدورة المقبلة أن تكون ساحة نقاش وترافع لصالح الساكنة. لكن الخوف أن تُدفن هذه القضايا تحت ركام التوافقات السياسية والتوازنات الهشة.
الهدوء حاضر إذن، لكنه يفتح الباب أمام تساؤلات أكبر: هل نحن أمام بداية مرحلة جديدة من الانسجام السياسي؟ أم أننا نعيش فقط الهدوء الذي يسبق العاصفة، حيث تعود الخلافات القديمة لتطفو على السطح مع أول امتحان حقيقي؟
الجواب لن يتأخر طويلاً، فدورة أكتوبر على الأبواب، وستكون المحك الحقيقي لكشف ما يجري خلف الكواليس: توافق صلب لصالح المدينة، أم هدنة قصيرة سرعان ما تنهار تحت وطأة الأزمات؟