بين الديون والاختلالات.. طنجة بلا قيادة في لحظة حرجة
في الوقت الذي تغرق فيه مدينة طنجة في أزمات خانقة ومشاكل متشابكة تثقل كاهل سكانها، اختار عمدة المدينة أن يقضي إجازته في إسبانيا، تاركًا وراءه ملفات عالقة ومرافق مهددة بالشلل، وديونًا متراكمة تحولت إلى كابوس مالي يقيّد حركة الجماعة ويشلّ قدرتها.
ما يُعرف بـ”الباقي استخلاصه”، أي المبالغ التي لم تتمكن الجماعة من تحصيلها لفائدة خزينة الدولة، لم يعد مجرّد بند في الميزانية أو رقم في دفتر الحسابات، بل صار عنوانًا بارزًا لعجز هيكلي يهدد استمرارية الخدمات العمومية، ويكشف خللًا عميقًا في التدبير المحلي. فالتوازن بين الإيرادات والنفقات بات شبه مستحيل، والتحصيل يراوح مكانه ببطء وضعف، فيما المراقبة تكاد تغيب أمام تراكم الاختلالات.
وتتزامن هذه الأزمة المالية مع واقع يومي أكثر تعقيدًا، حيث تعيش طنجة على وقع مشاكل متزايدة: ازدحام مروري خانق، فوضى في التعمير، ضعف في الخدمات الأساسية، وتراجع في جودة المرافق العمومية التي يُفترض أن تواكب مكانة المدينة كقطب اقتصادي وواجهة متوسطية. غير أن هذه التحديات، بدل أن تُواجَه بقرارات جريئة ورؤية استراتيجية، تُترك لتتفاقم، وكأنها قُدِّر لها أن تبقى بلا حلول.
وسط هذا المشهد المأزوم، يطرح سؤال سياسي وأخلاقي ملحّ: هل يجوز لرئيس جماعة كبرى مثل طنجة أن يضع رفاهية عطلة شخصية فوق مسؤولياته تجاه مدينة تتخبط في الأزمات؟ وإذا كان الحق في الاستراحة أمرًا مشروعًا لأي مسؤول، فإن توقيتها في ظرف حساس كهذا لا يعكس سوى ضعف في التقدير السياسي، ويبعث برسالة سلبية إلى ساكنة تبحث عن قيادة حاضرة لا غائبة.
إن طنجة، بحجمها الاستراتيجي وديناميتها الاقتصادية، لا تحتاج إلى صور استجمام ولا إلى خطابات مطمئنة، بل إلى قرارات حقيقية تعالج الخلل المالي، وتضع حدًا للفوضى، وتعيد الثقة في المؤسسات المحلية. أما الغياب في مثل هذه الظروف، فليس سوى علامة استفهام كبرى حول جدية الالتزام السياسي وحسّ المسؤولية.