جمعية العون والإغاثة: ثلاثون سنة من الريادة والعطاء في العمل الجمعوي

تحتفل جمعية العون والإغاثة بطنجة، إحدى أبرز الهيئات المدنية المغربية المهتمة بالعمل الاجتماعي التدخلي لحماية وتمكين الفئات الهشة، بمرور ثلاثين سنة على تأسيسها. مناسبة تسلط الضوء على قصة كفاح ونجاح متميزة في بناء وتطوير العمل الجمعوي المدني بالمغرب، وتعزيز دوره الحيوي في تحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة.

الاحتفال بهذه الذكرى ليس مجرد محطة لتثمين ما تحقق من إنجازات نوعية، ولا فرصة فقط لفحص الاختلالات وتجاوز الإخفاقات، بل يشكل لحظة تأمل جماعي في مسار العمل المدني الاجتماعي التنموي المغربي، حاضره وآفاقه. إذ إن نشأة جمعية العون والإغاثة سنة 1994، تزامنت مع بروز الحركة الجمعوية الاجتماعية المؤسسية بالمغرب في بداية تسعينيات القرن الماضي، ما يجعل من تجربتها مرآة لتطور هذا الحقل الحيوي.

مسيرة تطور ونموذج متفرد
انطلقت الجمعية كهيئة محلية للعمل الخيري الموسمي، موجهة لدعم الفئات الهشة، وتطورت تدريجياً لتصبح جمعية وطنية حاصلة على صفة “المنفعة العامة”، رائدة في مجال الحماية الاجتماعية المتخصصة لفئتي الأيتام والأرامل. ونجحت في بناء وتفعيل نموذج مغربي فريد يجسد قيم التضامن والتقاسم والتساند الأسري، ويضمن استقرار الأسر الهشة وصون حقوق الطفل اليتيم ومصلحته الفضلى.

إنجازات نوعية: نحو تمكين شامل
من أبرز إنجازات الجمعية تبنيها لنموذج كفالة اليتيم داخل بيئته الأسرية الطبيعية، بديلاً عن الإيواء في مراكز اجتماعية، انسجامًا مع المواثيق الدولية وتوصيات اليونيسيف، بما يضمن للطفل الحياة في كنف أسرته ويعزز استقراره النفسي والاجتماعي.

وقد طوّرت الجمعية كذلك نموذجًا أصيلاً للحماية المجتمعية التمكينية لأسرة اليتيم، لا يقتصر على الدعم المادي، بل يشمل المواكبة النفسية والتربوية، والتأهيل الاجتماعي والاقتصادي، عبر مشاريع مدرة للدخل تؤمن الاستقلالية الذاتية للأسرة خلال فترة دعم تمتد عشر سنوات. وقد استفادت من هذا البرنامج إلى اليوم حوالي 1500 أسرة.

نور الدين بنصبيح رئيس جمعية العون والإغاثة
نور الدين بنصبيح
رئيس جمعية العون والإغاثة

تكريس القيم وتجديد الممارسات التضامنية
ساهمت الجمعية، خلال العقود الثلاثة الماضية، في ترسيخ وتجديد العديد من القيم والممارسات المغربية الأصيلة مثل: إفطار الصائم، وتعهد الفقراء، والتصدق بثلث الأضحية، وكفالة الأيتام، والسعي على الأرامل، وتنظيم صرف الزكاة والنذور والكفارات، وفتح آفاق للوقف الخيري الموجه للفقراء والأيتام وطلبة العلم.

من العمل الموسمي إلى النموذج المؤسسي
شكل خيار “مأسسة العمل الاجتماعي” أحد أهم رهانات الجمعية، حيث راهنت على تطوير إمكانياتها الذاتية، بدعم من المحسنين والتمويل العمومي، واستطاعت بناء مؤسسة مدنية تنموية ناجحة، تعتمد على طاقم إداري مؤهل، مما أهلها لنيل شهادة ISO 9001 في التدبير الإداري، كواحدة من أولى الجمعيات المغربية التي حازت هذا الاعتراف.

توصيات ونداء للمستقبل
وفي هذه المناسبة، تجدد الجمعية دعوتها لتمكين مؤسسات العمل الاجتماعي من أدوات النهوض بدورها التنموي، عبر ما يلي:
إعطاء الأولوية للعمل الجمعوي المدني وتوفير بيئة قانونية ومالية ملائمة لتطوره.
إصدار “ميثاق وطني للتطوع” وتنظيم الوكالة الوطنية للتطوع تحت إشراف وزارة الشباب.
دعم هياكل الجمعيات الاجتماعية وتمكينها من المساهمة في كتلة الأجور وتسهيل التفرغ للعمل الاجتماعي.
دعم ميزانيات التسيير للجمعيات المنظمة عبر إعفاءات ضريبية خاصة.
إطلاق حملات توعوية لتغيير الصورة النمطية السلبية عن العمل الجمعوي والخيري.

إن جوهر التنمية الحقيقية يكمن في مجتمع مدني فاعل، مبدع، ومستقل، قادر على حماية فئاته الهشة ودمجها. وإن جمعية العون والإغاثة، بهذه المناسبة، تجدد عهدها بمواصلة رسالتها النبيلة، من أجل مغرب أكثر تضامنًا وعدلاً وتماسكًا.

إعلان

إعلان

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...