النقل والبنية التحتية في طنجة: بين تحديات الحاضر ورهانات المستقبل

طنجة تواجه تحديات مرورية كبرى رغم مشاريع التنمية المستمرة

تعتبر مدينة طنجة من بين أسرع المدن المغربية نموًا من حيث الكثافة السكانية والمشاريع التنموية، وهو ما يجعل موضوع النقل والبنية التحتية من القضايا الملحة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين. ومع ازدياد الضغط على شبكة الطرق ووسائل النقل العمومي، برزت تساؤلات حول مدى استجابة المشاريع الحالية لمتطلبات الساكنة، ومدى تحقيق رؤية “طنجة الكبرى” لأهدافها في هذا المجال.

الازدحام المروري في أوقات الذروة
تشهد مدينة طنجة ازدحامًا مروريًا خانقًا، خاصة في أوقات الذروة، حيث تتحول بعض الشوارع الرئيسية إلى محاور مشلولة يصعب التنقل فيها. هذا الوضع يرجع إلى التوسع العمراني السريع الذي لم يواكبه تطوير كافٍ للبنية التحتية الطرقية، إضافة إلى ارتفاع عدد السيارات الخاصة مقارنة بضعف خدمات النقل العمومي. كما أن بعض الشوارع، خاصة في وسط المدينة والمناطق التجارية، لم تعد قادرة على استيعاب حجم الحركة المرورية المتزايدة، ما يجعل السير فيها يستغرق وقتًا أطول من المعتاد. الأشغال المتواصلة في بعض المحاور، رغم أهميتها، تزيد من تفاقم الوضع بشكل مؤقت، إذ تعيق حركة السير وتسبب اختناقات إضافية، مما يدفع الكثير من السائقين إلى البحث عن طرق بديلة، غالبًا ما تكون مزدحمة هي الأخرى.

اختلالات في خدمات النقل العمومي
على مستوى النقل العمومي، تواجه طنجة العديد من الاختلالات التي تؤثر على فعالية الخدمة المقدمة للسكان. فالحافلات التي من المفترض أن تكون العمود الفقري للنقل الحضري لا تغطي جميع الأحياء، كما أن أسطولها يعاني من نقص في الصيانة، مما يؤدي إلى تعطلها المتكرر. سيارات الأجرة، سواء الصغيرة أو الكبيرة، لا تزال وسيلة التنقل الأكثر استخدامًا، لكنها بدورها تعرف مشاكل تتعلق بعدم احترام بعض السائقين للتسعيرة، ورفضهم نقل الزبائن لمسافات قصيرة، خاصة في أوقات الذروة. غياب بدائل حديثة مثل الترامواي أو الحافلات الكهربائية يجعل المواطنين يعتمدون بشكل أكبر على سياراتهم الخاصة، مما يزيد من تفاقم أزمة السير في المدينة.

حادثة

إعلان

مشاريع بنية تحتية غير كافية
رغم المشاريع المتواصلة التي تهدف إلى تحسين جودة الطرق وتخفيف الضغط على المحاور الرئيسية، فإن بعض الأحياء الجديدة لا تزال تعاني من ضعف شبكة الطرق، حيث يجد السكان صعوبة في التنقل بسبب سوء التخطيط العمراني. من جهة أخرى، تبقى أعمال الصيانة والتأهيل محدودة في بعض المناطق، حيث تتسبب الحفر والتشققات في تدهور جودة الطرق، مما يزيد من معاناة مستعملي السيارات والدراجات النارية.

“البراق”: نقلة نوعية مع تأثير محدود محليًا
ورغم النقلة النوعية التي حققها مشروع القطار الفائق السرعة “البراق”، والذي عزز من مكانة طنجة كقطب اقتصادي وسياحي بربطها بالمدن الكبرى مثل الرباط والدار البيضاء في وقت قياسي، إلا أن تأثيره على النقل الداخلي في المدينة ظل محدودًا. فبينما ساعد “البراق” في تسهيل تنقل رجال الأعمال والمسافرين، إلا أن مطلب توسيع شبكة القطار الفائق السرعة ليشمل مدنًا أخرى مثل تطوان وفاس لا يزال قائمًا، خصوصًا مع ارتفاع عدد مستعمليه.

مشروع “طنجة الكبرى”: إنجازات وتحديات
أطلق مشروع “طنجة الكبرى” بهدف تحديث البنية التحتية وتحسين جودة الحياة في المدينة، لكن التحديات المرتبطة بالنقل والتنقل لا تزال قائمة. ورغم الإنجازات التي تحققت في بعض المحاور، إلا أن هناك ملفات لا تزال مفتوحة، مثل ضعف النقل العمومي، واستمرار الازدحام المروري، وحاجة بعض المناطق إلى تحسين شبكة الطرق. مع التوسع العمراني المستمر، يصبح من الضروري تبني مقاربة أكثر شمولية تعتمد على تحديث وسائل النقل، وتطوير حلول مبتكرة تخفف من الضغط على المدينة، وتضمن تنقلًا سلسًا ومريحًا لساكنتها.

يبقى السؤال: هل تستطيع طنجة مواكبة تطورها العمراني والاقتصادي من خلال نظام نقل عصري وفعال، أم أن مشاكل النقل ستظل عائقًا أمام ازدهارها؟ الإجابة تتوقف على مدى جدية الإصلاحات المستقبلية ومدى التزام المسؤولين بتنفيذها.

إعلان

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...