نزيف مستمر في شوارع طنجة.. متى يتوقف تهور سائقي دراجات سانيا؟

تشهد مدينة طنجة يومياً عشرات حوادث السير، وأغلبها مرتبط بالدراجات النارية، حيث أصبحت المستشفيات ممتلئة بالمصابين، معظمهم من المراهقين والشباب، وأحياناً حتى القاصرين. هذه الظاهرة لم تعد مجرد خطر يهدد الأرواح، بل باتت تحصدها بشكل مستمر، في ظل غياب الوعي والرقابة الصارمة.

ويأتي الحادث الذي وقع مساء الجمعة في نفق مركز الحليب مثالاً مأساوياً على ذلك، حيث لقي شاب يبلغ من العمر 19 سنة وابنة خالته، البالغة من العمر 13 سنة، مصرعهما بعد انزلاق دراجتهما النارية واصطدامها بعمود إسمنتي داخل النفق. حادثة ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة في ظل استمرار الفوضى المرورية المرتبطة بهذه المركبات.

دراجات الموت.. من سمح بدخولها؟
أغلب هذه الحوادث تشمل دراجات نارية من نوع “سانيا”، وهي دراجات منخفضة الثمن لكنها تشكل خطراً كبيراً، إذ إنها ممنوعة في الأسواق الأوروبية بسبب افتقارها لأدنى معايير السلامة. ورغم ذلك، تباع في الأسواق المغربية دون أي قيود، مما يطرح تساؤلات حول الجهات التي رخصت لاستيراد هذه الدراجات القاتلة.

كيف يعقل أن يُقدم الآباء على شراء هذه الدراجات لأبنائهم القاصرين أو المراهقين، وهم يعلمون جيداً مدى خطورتها؟ آلاف الدراجات النارية تتجول يومياً في شوارع طنجة بسرعة جنونية، دون أي التزام بشروط السلامة، وبعض أصحابها يقومون بحركات بهلوانية خطيرة، غير آبهين بحياتهم أو بحياة الآخرين.

إعلان

من يتحمل المسؤولية؟
لا يمكن تحميل الأجهزة الأمنية وحدها مسؤولية هذه الفوضى، فرغم دورها الأساسي في مراقبة الشوارع وتطبيق القانون، إلا أن الظاهرة أكبر من ذلك، وتتطلب تدخل المجتمع بأكمله. المسؤولية الأولى تقع على عاتق الدولة، التي سمحت باستيراد وبيع هذه الدراجات في الأسواق المغربية رغم افتقارها لمعايير السلامة. فبدون قرارات صارمة تحد من انتشارها، ستظل حوادثها تحصد الأرواح يومًا بعد يوم.

لكن في انتظار الحلول الجذرية، يبقى دور الأمن أساسيًا في فرض احترام القانون، وأبسط إجراء يمكن اتخاذه في الوقت الحالي هو تحرير المخالفات ضد المخالفين، بدءًا من عدم ارتداء الخوذة، وصولًا إلى السلوكيات المتهورة. فالتدرج في تطبيق القانون قد يكون الخطوة الأولى نحو الحد من هذه الفوضى وإنقاذ الأرواح.

رسالة إلى الآباء
أما الآباء، فعليهم إدراك حجم الخطر قبل شراء هذه الدراجات لأبنائهم، فالتهاون في ذلك قد يعني دفع حياتهم ثمنًا للتهور. فإلى متى ستظل شوارع طنجة مسرحًا لحوادث مأساوية تحصد أرواح الشباب والأطفال؟ وهل ستتخذ الجهات المعنية إجراءات حازمة قبل أن يفوت الأوان؟

طنجة، المدينة التي كانت تُعرف بجمالها وحيويتها، أصبحت اليوم غارقة في حوادث السير الناتجة عن التهور والفوضى. إلى متى سيستمر هذا النزيف؟ ومتى سيتحرك الجميع – دولةً ومجتمعًا – لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟

إعلان

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...