نجاة الكحص.. شابة تبدع بريشتها متحدية الإعاقة

الحسين لعوان و.م.ع

داخل ورشة صغيرة تداعب الشابة نجاة الكحص ريشتها، فتطلق العنان لمخيلتها لتعانق أصوات الطبيعة وتخاطب ألوان الحياة، فتبدع لوحات تشكيلية تعكس شغفها لسنوات بالفن التشكيلي.

بقرية النوايل بجماعة هوارة أولاد رحو (10 كلم غرب مدينة جرسيف)، ولدت وترعرعت هذه الفنانة الشابة البالغة من العمر 35 سنة، والتي لم يحالفها الحظ في الذهاب بعيدا في مسار الدراسة، لتغير الوجهة إلى هواية الرسم والفن التشكيلي كملاذها الوحيد لتحدي الظروف وكسر حاجز الإعاقة من الصم والبكم.

برزت موهبة الإبداع والفن التشكيلي عند نجاة الكحص منذ نعومة أظافرها عن طريق الفطرة، حيث كانت مولعة بالرسم وكل ما له علاقة بالأعمال اليدوية والألوان، لتتفرغ، مع مرور الوقت، لممارسة هوايتها التي سكنت فؤادها، وتبدع في عالم التشكيل وترسم بأناملها الرشيقة المليئة بالحيوية، لوحات جميلة تحمل دلالات عميقة.

“نجاة غادرت المدرسة قبل إتمام المستوى الابتدائي، غير أنها كانت شغوفة بالرسم منذ صغرها، وهو ما لم نفطن إليه منذ البداية”، تقول جميلة مداح والدة هذه الشابة في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء.

وتضيف “هذا الشغف والاهتمام بدأ يزداد مع مرور الوقت، فكانت تقضي دائما أجمل أوقاتها بجانب اللوحات التي تخطها أساسا على الورق والقماش والخشب، لتعبر بذلك عن أحاسيسها، فهي العاشقة لكل ما هو جميل حيث تجسده في رسوماتها التي تتميز بالبساطة والعمق”.

وعبر هذه اللوحات، استطاعت نجاة الكحص وإن لم تتلقى أي دروس أو تكوين في مجال الرسم وفنونه، أن تسافر نحو آفاق واعدة وواسعة تتجاوز حدود قريتها، لتصبح مبدعة ورسامة تشكيلية متميزة، وتحقق بذلك حلمها وطموحها في أن تصبح فنانة تشكيلية بالفطرة وهو ما تجسد من خلال أعمال فنية أبدعتها بقوة حدسها وطلاقة روحها ومشاعرها.

والمتأمل لإبداعات هذه الشابة داخل ورشتها الصغيرة بمنزل والديها، يجدها تنم عن احترافية قل نظيرها بين هواة الفن التشكيلي، متجسدة في ألوان لوحاتها التي تعبر من خلالها عن كل ما يخالجها من حب للحياة، والعزيمة والإصرار على شق طريقها بعصامية منقطعة النظير نحو الإبداع، متحدية بذلك كل الحواجز والصعاب.

وتتميز طبيعة أعمال هذه الفنانة الواعدة بجماليتها الفنية، حيث تحاول التركيز في لوحاتها على ما هو أصيل مستوحى من التراث الشعبي مثل اللباس والحلي والمباني والزخرفة وغيرها، لتعيد الحياة لتقاليد شعبية وتبرز علاقة الإنسان بأرضه وموروثه الثقافي.

وبفضل الاستفادة من التكنولوجيا وقدرتها على استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنت التشكيلية العصامية، التي لا تفارق الابتسامة محياها وهي تمارس هوايتها، من تطوير وصقل مهاراتها لتتوج أعمالها بتنظيم معرضها الأول بداية شهر مارس من سنة 2020.

وسعيا منها إلى الارتقاء بإبداعاتها استفادت نجاة الكحص من خدمات المواكبة والتوجيه التي تقدمها منصة الشباب جرسيف، والدعم المالي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (أزيد من 59 ألف درهم)، لتطوير ورشتها للفن التشكيلي ليتحول هوسها بالرسم إلى مصدر رزق لها ولعائلتها.

وهكذا تمكنت من توفير كافة المستلزمات والأدوات التي تمكنها من إنتاج لوحات فنية بجودة عالية تعمل على عرضها للعموم عبر المعرض الدائم لتسويق المنتجات المجالية الذي تم إنشاؤه بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بأهم شوارع مدينة جرسيف، كما تمكنت من المشاركة في عدة معارض محلية وجهوية.

وتطمح نجاة الكحص إلى مزيد من التألق. كما تحلم بأن تعرض لوحاتها في أهم المعارض الفنية داخل وخارج أرض الوطن، مع عزمها على الاستمرار في صقل موهبتها وتطوير إبداعها لتصبح من الفنانين العصاميين الكبار.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...