لغز تجزئة الصحراوي… هل يتعلق الأمر بفضيحة عقارية أم بمشروع وهمي لا يوجد إلا في مخيلة البعض؟
طفت على السطح في الأيام القليلة الماضية، أحاديث عن “تجزئة الصحراوي”، التي قيل إن عمدة طنجة منير ليموري، وقع على الترخيص الخاص بها على الرغم من اعتراض نائبه الخامس عبد النبي مورو، وما زاد الأمر غموضا هو خروج نائبه الأول، محمد الغزواني غيلان، المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي ينتمي إليه عبدالنبي مورو، كي يطالب رئيس المجلس الجماعي بتوضيح الأمر الذي وصفه بـ”الفضيحة”.
كثيرة هي الأمور التي قيلت حول هذا الملف، لكن في الوقت الذي أصبح فيه المتتبعون لخبايا وكواليس مدينة طنجة يعرفون جيدا خلفيات الصدام بين العمدة ونوابه، يبقى السؤال الذي يفرض نفسه هو: ما حقيقة هذه التجزئة ولماذا لا تزال مجرد حبر على ورق؟ إذ لا رئيس الجماعة خرج بتوضيح حول الموضوع، ولا نائباه تحليا بالشجاعة السياسية وتحملا مسؤوليتهما القانونية في توضيح الأمر دون ألغاز.
الطريق الأول والمنطقي الذي كان علينا المضي فيه هو التوجه رأسا إلى جماعة طنجة، وتحديدا إلى رئيسها منير ليموري للاستفسار حول “تجزئة الصحراوي”، وبعد عدة محاولات استطعنا ربط الاتصال بالرئيس، وكان جوابه أنه لا يمكنه الخروج بأي توضيح أو تقديم أي تعليق على تجزئة “لا وجود لها أساسا على أرض الواقع”، وبمعنى آخر فإنه، حسب العمدة، المعلومات المتداولة حول تجزئة الصحراوي ليست سوى “أخبارا زائفة”، وهو نفسه يتساءل عن هذه التجزئة.
هذا المعطى لم يكن كافيا بالنسبة لنا، وحاولنا التحقق من الأمر من مصادر أخرى داخل جماعة طنجة وخارجها، لعلنا نصل إلى معلومات أكثر دقة حول هذا الموضوع، وبالفعل توصلنا إلى اللائحة الكاملة لجميع التجزئات التي تم ترخيصها من طرف منير ليموري على تراب مقاطعة بني مكادة منذ انتخابه عمدة لطنجة سنة 2021 إلى الآن.
ووفق المعطيات التي تم تداولها، والتي تبناها نائب العمدة الغزواني غيلان، فإن التجزئة توجد بالقرب من المحطة الطرقية الجديدة، أي أنها تنتمي لتراب مقاطعة بني مكادة، إلا أن اللائحة التي حصلنا عليها والتي تضم الأسماء والتفاصيل التقنية لجميع التجزئات المرخص لها بالمنطقة خلال الولاية الانتدابية الحالية لهذا المجلس، لا تتضمن أي تجزئة باسم “الصحراوي”.
ويثير هذا الأمر الكثير من الاستغراب والاستفهام، فعمدة طنجة ينفي وجود هذه التجزئة أساسا، وقائمة التجزئات المرخصة لا تتضمن المشروع المذكور، كما أن مورو والغزواني غيلان، بالرغم من كونهما نائبين للعمدة ولهما كامل الصلاحيات لتحريك هذا الملف سياسيا وإداريا وحتى قضائيا، اكتفيا ببعض الإشارات والتلميحات الغامضة دون أي توضيح، ما يجعلنا نتسائل إذا ما كان الأمر يتعلق “بكذبة أبريل التي تأخرت إلى شهر ماي” او بزوبعة في فنجان.
وبالإضافة إلى ذلك كله فإن الحديث عن توقيع عمدة طنجة لترخيص لفائدة مشروع عقاري، لا يعدو كونه “مزايدات سياسية” وفق توصيف مصادر تقنية وإدارية، لأن نواب العمدة وغيرهم يعلمون علم اليقين أن مسطرة التراخيص التي تتم عبر المنصة الإلكترونية بشكل إجباري ومنذ 2019، تمر عبر مساطر ومراحل من بينها الحصول على الرأي المطابق للوكالة الحضرية، والرأي الموافق لجميع المصالح المعنية بما فيها المجلس الجهوي للاستثمار وعمالة طنجة أصيلة، ومصالح الوقاية المدنية، وغيرها… قبل أن يوقع رئيس المجلس الجماعي على الرخصة في المرحلة الاخيرة.
والمؤكد، حسب المعلومات التي حصلنا عليها في مسارنا لفحص تفاصيل هذا الملف، هو أن لجنة سرية تعمل حاليا على رصد جميع عمليات التجزيء والبناء السري التي تمت وتتم بالمدينة، وهو أمر إن بلغ مداه سيجعلنا ننتقل من التنابز السياسي العابر إلى تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، حيث ان رؤوسا قد أينعت وحان قطافها.