رمضانيات وتلفزيون.. جدل حول مسلسل الفاروق عمر

لا يزال المسلسل الديني “الفاروق عمر”، الذي تبثه قناة MBC يثير جدلا كبيرا بين المسلمين، وذلك لتجسيد الصحابة في المسلسل.

تقرير: كريمة ادريسي – إذاعة هولندا العالمية *
* تـُنشر هذه المادة في إطار الشراكة المعقودة بين المجلة الإلكترونية طنجة نيوز والقسم العربي في إذاعة هولندا العالمية.

لا يزال المسلسل الديني “الفاروق عمر”، الذي تبثه قناة MBC يثير جدلا كبيرا بين المسلمين، وذلك لتجسيد الصحابة في المسلسل.

ولعل الجدل القائم كان واحدا من أهم الدوافع التي جعلت العمل التلفزيوني الرمضاني، من أكثر الأعمال مشاهدة، على الإطلاق، حيث تشير الإحصائيات الأخيرة إلى عدد يبلغ نصف عدد مسلمي العالم الذي يقدر بمليار ونصف نسمة حسب إحصائيات Atlas Of Global. ويقول مخرج الفيلم السوري، حاتم علي: “ما يجب ذكره هنا، أننا سعينا لنشر هذا المسلسل عالمياً، لا سيما أنه أضخم إنتاج درامي في تاريخ التلفزيون الحديث في المنطقة. فالمسلسل كما علمتُ أخيراً من القائمين على شركة «O3 للإنتاج»- المنضوية تحت لواء مجموعة «أم بي سي» – سيُعرض على شبكة ATV التلفزيونية التركية، وغيرها من القنوات الإندونيسية والماليزية.

ولم يتوقف الجدل والنقاش على الشبكات الاجتماعية، بل تجاوزه إلى رجال الدين والقانون، حيث خسر المحامي الكويتي دويم المويزري دعوى قضائية رفعها ضد MBC مطالبا بمنع المسلسل ومستندا في ذلك إلى فتاوى بعض الفقهاء الذين يحرمون تجسيد الصحابة في السينما أو التلفزيون أو المسرح. وفي المقابل كان هناك عدد من علماء الدين والمشايخ في لجنة مراجعة النص.

رجال الدين
في نهاية العام 2010، تلقى شيخ الأزهر، احمد محمد الطيب، مشروع مسلسل “الفاروق عمر”، الذي يجسد سيرة ثاني الخلفاء الراشدين، من القائمين عن العمل، والذين عرضوا المشروع أيضا على عدد من المراجع الإسلامية. وحصلوا على نصائح وتوجيهات في مجال التعامل مع الأعمال الدينية عموما من زاوية إعلامية وفنية. وكان أبرز من أعطى عتوجيهات دينية في هذا المجال هو شيخ الأزهر، المؤسسة الدينية ذات النفوذ الواسع في العالم الإسلامي، والتي مقرها في العاصمة المصرية
واكد المدير العلمي لقناة دليل الإسلامية عبدالله القرشي أن “الأصل في تجسيد الصحابة هو الإباحة”، مطالبا الذين يحرمون ذلك بالإتيان بالدليل الواضح الصريح على ما يقولون.

وأضاف:”أغلب المعاصرين قالو بالتحريم، ولكن بعض أهل العلم المعتبرين المعاصرين قالوا بالحل مثل الشيخ محمد رشيد رضا وهو من علماء الأمة المشهورين والشيخ بن جبرين في بعض فتاويه والشيخ الدكتور قيس بمبارك وهو عضو هيئة كبار العلماء والشيخ يوسف القرضاوي والشيخ سلمان العودة والدكتور حاتم شريف.. فنحن على الأصل وهو الإباحة، وإن كان هناك كثير من المسلسلات لا نرضى عنها، ولكن أصل الحكم هو الإباحة.. وعلى من سيحرم ذلك أن يأتي بدليل واضح وصحيح”.

اما الداعية الاسلامي الشيخ محمد الهيدان، فكان متشددا في تحريمه لانجاز العمل التلفزيوني، حيث يرى أنه “لا يجوز شرعاً ولا نظاماً أن يجسد إنسان إنساناً دون أخذ موافقة منه أو من ورثته.. فالقائمون على الإنتاج لم يأخذوا موافقة عمر ولا ورثته على إنتاج المسلسل، ولا أحد يستطيع الآن أن ينتج مسلسلا عن حياة شخص دون الحصول على إذن منه.. فهذا مخالف حتى للنظام”.

الشارع والشبكات الاجتماعية
بالرغم من اثبات ان الدراما التاريخية تستهوي المشاهد لأبعد الحدود، وتترك في نفسه أثرا عميقا، الا انه هذه المرة، للمشاهد العادي- بغض النظر عن الحلال والحرام- رأي في الممثل الذي يجسد شخصية الصحابي، وأن ذلك سيجعل الصحابي مقترنا في أذهان الجمهور بصورة الممثل الذي يؤدي دوره، وهو ما يشكل خطورة في التأثير الذي يتركه ذلك على المشاهد، فاذا كان الممثل مكروها، ستكره شخصية الصحابي الذي مثل دوره، حسب ما يقوله بعض المغردين على تويتر. . وهو نقاش احتد على الشبكات الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر. وقاموا بانشاء صفحات على الفيسبوك تدعو الى ايقاف المسلسل، منها “أوقفوا مسلسل عمر”.

تجسيد المسيح والحواريين
ليس النقاش حول تجسيد الشخصيات الدينية في الأعمال الفنية جديداً، ولا يقتصر على المسلمين. فحين جسد الممثل البريطاني “بريان ديكون” شخصية المسيح، في فيلم “المسيح”، كان نفسه متخوفا جدا من ان يؤثر الدور على حياته الفنية والشخصية بعد ذلك. كان يخشى الا يجد عملا بعد هذا الدور، لان اسمه سيظل مرتبطا بشخصية المسيح لدى المشاهد، وسيرفض ان يراه في ادوار اخرى ولن يستطيع ان يتخلص من هذه الصورة النمطية. ولعل اشهر فيلم انجز عن المسيح، وحاز شعبية منقطعة النظير في اوساط المسيحيين وغير المسيحيين هو فيلم “آلام المسيح” The Passion of Christ الذي يتناول الساعات الاخيرة من حياة المسيح. واحدث الفيلم جدلا كبيرا انذاك لكن ليس فيما يتعلق بتجسيد شخصية المسيح، وانما بالمضمون الذي اعتبره بعض النقاد ان فيه اشارات معادية للسامية. اما في هولندا فقد رفضت بعض الجماعات المسيحية الفيلم، لانه برأيها، قد يشوه معاناة المسيح، فمعاناته كانت معنوية ولم تكن جسدية كما يركز الفيلم.

مسلسل “الفاروق عمر”
استغرق تصوير مسلسل “الفاروق عمر” 170 يوما، منها خمسون يوما خصصت لتصوير المعارك.
وأشار المخرج حاتم علي إلى “أن جنسيات عربية تتقاسم تجسيد الشخصيات الرئيسية في “عمر”، والسبب هو الرغبة في تقديم عمل عربي بكل عناصره، بدءاً من الكاتب الفلسطيني، مروراً بجهتي الإنتاج (مجموعة “أم بي سي” وتلفزيون قطر)، وصولاً إلى العناصر الفنية خلف الكاميرا”.
عرف المخرج السوري حاتم علي قبل هذا بأعماله التاريخية الناجحة مثل “صقر قريش”، “صلاح الدين الايوبي”، “ربيع قرطبة”، “الملك فاروق” و”ملوك الطوائف”.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...