الازمة تدفع بالاسبان للهجرة للمغرب

“زملائي المغاربة في العمل يسألوني هل قدمت من اسبانيا في إحدى قوارب الموت”. هذا ما قالته ديزيري والدمع في عينيها وهي تتأمل الضفة الاسبانية من شرفة مقهى بمدينة طنجة تطل على البحر الأبيض المتوسط. أوصلت الأزمة المالية التي تضرب اسبانيا أرقام البطالة إلى
“زملائي المغاربة في العمل يسألوني هل قدمت من اسبانيا في إحدى قوارب الموت”. هذا ما قالته ديزيري والدمع في عينيها وهي تتأمل الضفة الاسبانية من شرفة مقهى بمدينة طنجة تطل على البحر الأبيض المتوسط. أوصلت الأزمة المالية التي تضرب اسبانيا أرقام البطالة إلى مستوى قياسي وخاصة في صفوف الشباب حيث تقدر بخمسين في المائة وفق إحصائيات رسمية. وبعد تكبد الشركات لخسارات كبيرة، جعلها تبحث عن أسواق واعدة في مستعمراتها القديمة،هاهي العمالة الاسبانية تبحث عن مصادر الرزق في المغرب إيذانا بولادة ظاهرة الهجرة المعكوسة أو الهجرة إلى الجنوب.

الازمة
تداعيات الأزمة الاقتصادية ما تزال تلقي بظلالها على دول جنوب أوروبا. فبعد إفلاس اليونان هاهي كل من اسبانيا وإيطاليا تدق أبواب الاتحاد الأوروبي من اجل الحصول على قروض ضخمة علها توفي بتعهداتها المالية لموظفيها. قطاع البناء تضرر ومعه تأثر قطاع الفندقة والخدمات بشكل كبير أدى الى إفلاس شركات وتسريح آلاف العمال .
المهاجرون المغاربة في اسبانيا وصلهم لهيب الأزمة بدورهم، وبشكل أخص من كان يشتغل منهم في قطاع البناء. 120 ألفا منهم عادوا إلى المغرب حسب آخر التقديرات التي قدمتها الحكومة المغربية. كما تأثر أيضاً قطاع الخدمات حيت بدأت الشركات تبحث عن عمالة رخيصة، ففتحت مراكز النداء فروعا لها في شمال المغرب نظرا لوجود عمالة مؤهلة تتقن اللغة الاسبانية.
احد المراكز التي زارتها إذاعة هولندا العالمية نصف مستخدميها من الإسبان. تحدثت إلينا ديزيري وذكرت أنها تتقاضى مبلغ 400 أورو في الشهر وان حالها أحسن بكثير من صديقاتها في اسبانيا. وحكت لنا كيف أن مطعم العائلة أفلس بعد إلغاء المتعهدين السياحيين لرحلاتهم وفضلت الرحيل على أن تبقى عالة على أسرتها.

في الفندق التقينا أوليفر بمدينة تطوان التي حل بها منذ أسبوعين للبحث عن عمل. رافقناه إلى الفندق الذي اتخذه سكنا له مقابل خمسة أورو في اليوم. غرفة متواضعة لا تتعدى مساحتها خمسة أمتار مربعة، فيها سرير متواضع وطاولة بالكاد تتسع للحاسوب. كل ما يملك هو بعض الملابس وبذلتين معلقتين على مسمارين مغروزين في الحائط. “كنت املك محلا للأجهزة الالكترونية بإحدى جزر الكناري وأفلست بسبب الأزمة”. أوليفر مستعد للعمل في أي قطاع حتى لا تتحمل أمه مصاريف إقامته بالمغرب.”هذه ورقة تحويل مبلغ ستين أورو أرسلتها لي أمي”.

الهجرة أو الافلاس
ساوول ذو الثالثة والعشرين ربيعا انتقل مع شركة إسبانية متخصصة في صناعة المطابخ الجاهزة في 2010 إلى المغرب بعد إفلاسها. يشتغل في قطاع النجارة ويقيم في شقة يخصصها صاحب الشركة للعمال الاسبان. يقول ساوول: “لا يوجد عمل بقريتي القريبة من قادس “، ويضيف أن البنك كاد يحجز على منزل العائلة “فقررت الرحيل مع الشركة إلى المغرب حتى أساعد في توفير أقساط البنك”. ويحكي أيضاً كيف أن أسرا إسبانية تعيش في منازل مشتركة. فالجد والجدة والأبناء والأحفاد يسكنون تحت سقف واحد.

نظرة المغاربة
أعلن الاتحاد الأوروبي انه سيقدم قرضا بمائة مليار أورو لإسبانيا لمساعدتها للخروج من الأزمة، لكن كل من التقينا معهم لا ينظرون بتفاؤل لهذا الأمر، ويعللون بأن هذه الأموال ستذهب إلى القطاع البنكي المتسبب أساسا في الأزمة ولن تذهب إلى جيوب المواطنين البسطاء.
اختلف المغاربة الذين تحدثنا إليهم حول ظاهرة وجود عمالة إسبانية في المغرب. أمينة ترحب بالإسبان، فكما استقبلوا هم العمالة المغربية في السابق يتوجب علينا أيضاً استقبالهم. أما سعيد فيرى أن الأولوية يجب أن تعطى للمغاربة العاطلين.”لنحل مشاكلنا أولا وبعدها يمكن أن نفكر في الآخرين”.

أنس بنضريف – إذاعة هولندا العالمية *
* تـُنشر هذه المادة في إطار الشراكة المعقودة بين المجلة الإلكترونية طنجة نيوز والقسم العربي في إذاعة هولندا العالمية.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...