بلا غنـــــــــــــازر

تفتح باب التاكسي الأبيض لتركب كواحد من خلق الله، لأنك لاحظت أن الطاكسي لا زال ينقصه شخص واحد.
تفتح باب التاكسي الأبيض لتركب كواحد من خلق الله، لأنك لاحظت أن الطاكسي لا زال ينقصه شخص واحد.

لكنك بمجرد ما تفعل تفاجأ بالشخص الجالس بالداخل يرمقك بنظرة غريبة وكأنك هويت على رأسه بهراوة غليظة بينما كان هو في جلسة استرخاء…
وكأنه لا يعلم أن الطاكسي الكبير يقل 6 أشخاص، ولا يعلم أيضا أن السائق ليس متوقفا من أجل سواد عيونه، بل في انتظار زبون سادس، كي يكتمل النصاب وينطلق على بركة الله.. واش مامخباروشي الطاكسي كايهز 6؟
طبعا هو يعلم، لكنه يحتاج أن “يغنزر” فيك كي يرتاح نفسيا، قبل أن يفسح لك مكانا بقربه. “بلا عنزورة ماكاين والو”.
*****
تدخل لإحدى الإدارات وتلقي السلام على الموظف، كما ربانا آباؤنا جميعا، لكنك تفاجأ بالصمت كجواب. تعتقد للحظة أن الموظف غير موجود. تفرك عينيك، ثم تفتحهما فتجده أمامك بطوله وعرضه وشحمه ولحمه. لكنه قرر ألا يرد عليك السلام، لأنك … لأنك ماذا ؟ هو أيضا لا يعلم! المهم أنه يكرهك بشدة، خصوصا عندما تلقي عليه السلام وكأنك لا تعلم أنه يكرهك كدم أسنانه. والمهم أكثر أنه بدلا من رد السلام يرد عليك ب”غنزورة” رائعة تطاردك في كوابيسك لمدة ثلاثة أيام.
“علاش؟ واللهم مانعراف! المهم يغنزر. بلا غنزروة ماكاين والو.”
*****
تدخل عند بقال ما، تجد عنده زبونا أو زبونين. تنتظر دورك، وبمجرد ما يغادر الزبونان تهم بطلب ما تريد لكنك تفاجأ بمن جاء خلفك يطلب سلعة ما، فيسارع البقال بالإيجاب. وتتوالى العملية و أنت واقف كالأطرش في الزفة كما يقول إخواننا المصريون. تطول جلسة الاستمتاع هذه مدة طويلة ويطول ذهولك، فتقرر أن تثور وتطلب ما تريد من البقال بصوت عال مقاطعا كل الدخلاء، وهنا تأتي اللحظة الحاسمة التي ينتظرها البقال منذ سنوات. فيتجاهلك وهو يتلذذ.. تعيد طلبك فتحين اللحظة الأكثر أهمية، ويطلق صاحبنا “غنزورته” التي لا تبقي ولا تذر. تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتخرج مسرعا قبل أن ترتكب جريمة وأنت تتساءل:
” شعاندو هاد خانا كايغنزر؟ والو. لا سبب. غير هانتا عارف : بلا غنزروة ماكاين والو.”
*****
هذه المشاهد تتكرر في اليوم أكثر من مرة بمدينة طنجة، وتشعر بشرارة الكره القوية بين الجميع.
” شي كايغنزر ف شي”. بدون سبب واضح طبعا. هي في الغالب أسباب خاصة بكل شخص، تجعله ينفجر في وجه أول شخص يقابله، في محاولة لتحويل حياته هو أيضا إلى جحيم. إذا عمت هانت.
يبدو أن وتيرة الحياة التي تسارعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بالمدينة غيرت الطباع و حولت البشر الهادئين إلى وحوش تفتك بأول ضحية تقع في براثنها.
اللهم اجعلنا نلقى إخواننا بوجه طلق، فهذا كل ماتبقى لنا.

عبد الواحد استيتو
stitou1977@yahoo.com

Facebook | Abdelouahid Stitou

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...