من الواضح أن الإنعاش الاقتصادي بإقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق يتعزز بشكل كبير ويسير بخطى ثابتة بفضل مختلف البرامج والمشاريع والتدابير المتخذة بهدف تشجيع خلق فرص الشغل وتحسين الوضعية الاجتماعية للساكنة المحلية.
وتتواصل على قدم وساق عملية تطوير حلول وأنشطة اقتصادية بديلة، التي انطلقت في وقت سابق، من خلال إطلاق البرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالة المضيق الفنيدق وإقليم تطوان الرامي إلى إطلاق مشاريع واعتماد إجراءات عملية من شأنها المساهمة في خلق فرص الشغل وتوفير المواكبة والتمويل الضروريين لحاملي المشاريع، فضلا عن تشجيع المستثمرين على ضمان التمويلات الجزئية للعقار، وتأطير وتكوين المستخدمين.
وسيساهم النهوض بالاستثمار وتكريس مكتسبات الاندماج الاقتصادي التي تم تحقيقها، وإيجاد فرص تشغيل بديلة ودعم ومواكبة الشباب حاملي المشاريع، في تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للساكنة المحلية، لاسيما النساء والشباب.
وقد خُصص للبرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالة المضيق-الفنيدق وإقليم تطوان، الذي انطلق بشكل فعلي في مارس من عام 2020، غلاف مالي بقيمة تصل إلى 400 مليون درهم، تمت تعبئته في إطار اتفاقية شراكة بين وزارة الداخلية، ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، ومجلس جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، ووكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال.
وتنقسم المشاريع المسطرة ضمن هذا البرنامج إلى ثلاثة محاور أساسية تتمثل في إحداث منطقة للأنشطة الاقتصادية بتراب جماعة الفنيدق، وبلورة آلية للتحفيز المالي لجلب الاستثمارات بمنطقتي الأنشطة الاقتصادية “تطوان بارك” و”تطوان شور”، وخلق مبادرات اقتصادية تحفيزية لمواكبة النسيج المقاولاتي في إطار مهيكل وتحسين قابلية النساء والشباب لولوج سوق الشغل.
وحسب المركز الجهوي للاستثمار بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، ووكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال، فإن الوحدات الصناعية الأربع التي تم إحداثها بمنطقة الأنشطة الاقتصادية للفنيدق واصلت تكثيف حملات التشغيل، حيث تم إلى غاية متم أبريل الماضي دمج أزيد من 1200 شخص، معظمهم من النساء اللواتي اشتغلن سابقا في “التهريب المعيشي”، وذلك في أفق خلق حوالي 5000 منصب شغل مباشر وقار.
ومن بين المبادرات الواعدة التي تم إطلاقها ثمة برنامج “جهات ناهضة”، الذي يشكل موضوع اتفاقية شراكة بين مجلس جهة طنجة – تطوان – الحسيمة ووزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، ويروم دعم تأهيل والتمكين الاقتصادي للنساء والفتيات.
ويستهدف هذا البرنامج، الذي يشكل التفعيل المحلي لمحاور البرنامج الوطني للتمكين الاقتصادي للنساء والفتيات، والنهوض بحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية، في مرحلته الأولى، النساء والفتيات حاملات المشاريع وأفكار المشاريع القابلة للإنجاز في مختلف المجالات الاقتصادية الواعدة على مستوى تراب عمالة المضيق – الفنيدق وإقليم تطوان.
وحسب معطيات لقسم العمل الاجتماعي بعمالة تطوان، فقد تم حتى الآن إنجاز 50 مشروعا على مستوى الإقليم في إطار البرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالة المضيق الفنيدق وإقليم تطوان، بغلاف مالي يناهز 3 ملايين درهم، بينما تم تنفيذ 33 مشروعا في إطار برنامج “جهات ناهضة” بغلاف مالي إجمالي يقدر بنحو 25ر1 مليون درهم.
ويتعلق الأمر أيضا ببرنامج المبادرات الاقتصادية المندمجة لعمالة المضيق الفنيدق للفترة 2021-2023، الذي يروم تعزيز ريادة الأعمال لدى الشباب من خلال تمويل مشاريعهم في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بشراكة مع القطاعات الوزارية المعنية، والهيئات المنتخبة، والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، بغاية الإسهام في خلق الثروة وفرص الشغل.
ويطمح هذا البرنامج، الذي يندرج ضمن البرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالة المضيق الفنيدق وإقليم تطوان، إلى إحداث صندوق مشترك سيعهد بتسييره إلى مؤسسة المبادرة للشباب والمقاولة، لدعم المشاريع المنتقاة بغلاف مالي إجمالي يناهز 30 مليون درهم، ضمنها 5ر10 ملايين درهم ستتم تعبئتها من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وستخصص للتمويل المباشر للمقاولات.
كما تشمل الجهود المبذولة لتعزيز إدماج الشباب في التنمية المستدامة على مستوى عمالة المضيق الفنيدق، أيضا، تنفيذ برامج “الإدماج عبر الأنشطة الاقتصادية لسنة 2021″، و”تأهيل والتمكين الاقتصادي للنساء”، والاقتصاد الاجتماعي والتضامني”.
من هذا المنطلق، وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، أضحت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إحدى البرامج المتميزة لإدماج الشباب في سيرورة التنمية المحلية والوطنية، ونموذجا للتنمية المندمجة بفضل جعل هذه الفئة المجتمعية في طليعة اهتمامات برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي حرصت على استثمار قدرات الشباب وطاقاتهم الإبداعية في تعزيز الدينامية الاقتصادية وتحقيق التنمية المحلية المنشودة.
وقد بدأت الآثار الإيجابية لهذه البرامج تظهر على أرض الواقع ويتوقع أن تتواصل على المدى المتوسط، على اعتبار أن هذه البرامج الواعدة مكنت، حتى الآن، من تمويل أزيد من 298 مشروعا، بغلاف مالي إجمالي يفوق 13 مليون درهم.
وفي نفس الإطار، تم إحداث منصة للمبادرات الاقتصادية المندمجة بمدينة الفنيدق لتوجيه وتقديم الاستشارات التقنية للمستفيدين.
وقد استقبلت هذه البنية منذ افتتاحها بداية شهر فبراير الماضي أزيد من 1700 شاب وشابة، وسيتم تعزيزها قريبا بمنصتين جديدتين بكل من مدينتي المضيق ومرتيل، وذلك في إطار برنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18و45 سنة.
وستشكل هذه المنصات ملتقى للتفاعل بين مختلف الآليات المعتمدة من طرف المتدخلين المتخصصين العاملين في مجال إدماج الشباب، كما تمثل إجابة واقعية لانتظارات هذه الفئة خصوصا في ظل ما تعانيه هذه المنطقة من صعوبات مالية بسبب انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19)، بحيث يستفيد الشباب حاملو المشاريع من عدة خدمات كالتوجيه والتكوين وتقوية القدرات والتمويل، بالإضافة إلى التشجيع على إحداث المقاولات الذاتية والولوج إلى المعلومة.
والأكيد أن هذه البرامج والمشاريع الواعدة ستساهم، من دون أدى شك، في دعم وتوجيه المبادرة الخاصة، وجعل المقاولات أكثر جاذبية، ومواكبة وتوجيه المقاولات الصاعدة نحو أنشطة منتجة وإدماجها في النسيج الإنتاجي المحلي، وذلك بغاية تشجيع البحث عن بدائل لتعزيز الإقلاع الاقتصادي والنهوض بالتشغيل بإقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق.